أي ، فإن لم تحط بعقلك بسر ما سمعت ، فاعلم أن العقل المشوب بالوهم من حيث نظره الفكري ضعيف في إدراك الأشياء على ما هي عليه . ويدل عليه كون العقل يحكم على العلة أنها لا تكون معلولة لما هو معلول لها . وما في علم التجلي إلا هذا ، أي التجلي الإلهي يعطى للعارف المكاشف أن العلة معلولة لمعلولها . وذلك لأن عين المعلول حال ثبوتها في العدم تطلب من عين العلة أن تجعلها موجودة معلولة لها ، كما تطلب عين العلة وجود معلولها . والطلب من الطرفين رابطة بينهما . وأيضا ، علية العلة كمال من كمالاتها ، ولا يتم إلا بالمعلول ، فمعلولية المعلول سبب لعلية العلة . هذا إذا أخذنا وجود كل منهما مجردا عن العلية والمعلولية . وأما إذا أخذنا هما مع الصفتين ، فلا بد من أن يتوقف كل منهما على الآخر ، كما أن معلولية المعلول لا تحصل إلا بعلية العلة بكونهما متضايفين . و كذلك حكم جميع المتضايفين . فالعلة من حيث إنها علة معلولة لمعلولها . وأيضا ، المكاشف يجد الكشف أن ذاتي العلة والمعلول شئ واحد ، ظهر في مرتبتين مختلفتين ، والعلية والمعلولية من المتضايفين اللذين كل منهما علة للآخر ، [18] فيحكم [19] على العلة من حيث امتيازها عن المعلول أنها معلولة لمعلولها . وهو حق ، إذا لم يكن الامتياز بينهما إلا بما يقتضى التضايف ، و إلا فلا [20]
[18] - ليس بين الأمرين المتضايفين العلية والمعلولية ، لأنهما متكافئان وجودا وعدما ، قوة و فعلا . وما هو العلة وجود مقدم بالذات على المعلول ، والمعلول متأخر عن العلة . وبين مفهوم العلية والمعلولية تضايف ، والمتضائقان متقابلان مفهوما ، ويمكن اجتماع أطرافهما في بعض الموارد . ( ج ) [19] - المكاشف . [20] - قال شيخنا الأقدم ، الأستاذ ميرزا محمد رضا قميشهاى إصفهاني ( رض ) : ( أي ، حكم المكاشف بأن العلة من حيث الامتياز معلول لمعلولها حق ، إذ لم يكن الامتياز بينهما إلا بالعلية والمعلولية . وأما إذا كان الامتياز بينهما بوجه آخر ، مثل أن يكون العلة واجبا والمعلول ممكنا ، فحكمه ليس بحق ، لأن الوجوب لا يعلل بالإمكان ، كما أن الإمكان لا يعلل بالوجوب لكونه متساو النسبة إلى كل شئ . فحينئذ لا يصح أن يقال إن العلة من حيث الامتياز معلول لمعلوله ) . وأما مسألة طلب الأعيان الظهور بالألسنة القابلية وإجابة الحق لدعائهم باسمه ( المتكلم ) لمكان استماعه ، عز وجل ، سؤالهم باسمه ( السميع ) ، لا يصحح تعليل الوجوب بالإمكان . لأن القابل إنما يكون بفيضه الأقدس ، والفيض المقدس ظل للفيض الأقدس . والغرق بينهما إنما هو بإطلاق والتقييد . فالحق مع أرباب العقول الكاملة حيث قالوا إن الواجب لا يتأثر من غيره ، وإن كان ذلك الغير من شؤونه تعالى . فيعلم مما ذكرناه أن المعلول مجعول من جهة قابليته بالفيض الأقدس ، وهذا الفيض يمر بعد ظهور القوابل على الحقائق العينية الخارجية ، ويظهر في الخارج ، بجعل أو إظهار أو إيجاد واحد ، كلما له إمكان التحقق عينا . وأما ما ذكره الشارح ، تبعا للشيخ البارع ، أن العلة أو الوجود له ظهور بذاته وظهور في هوية المعلول ، والشئ ، أو الحقيقة الواحدة ، بناءا على ما ذكر يظهر تارة بصورة العلة ويتنزل ويظهر بصورة المعلول من دون تجاف عن مقامها ، حق ، ولكن هذه المسألة ترجع إلى هذا الأصل وهو أنه يمكن أن يكون الشئ الواحد ظاهرا ومظهرا ، أي ، ظاهرا بذاته ، ومظهرا في مقام الظهور في جلباب المظهر ، أو مظهرا بفعله . كما أشار إلى هذا الأصل تلميحا : ( هو الظاهر والباطن ) . ولكن الإنصاف أن الاتصاف بالظاهرية والمظهرية إنما يكون من جهتين . وليس معنى هذا الكلام تعليل الوجوب بالإمكان ، كما ذكره شيخنا الأقدم ، الإمام العارف ، ميرزا محمد رضا قمشهاى . ( ج )