لاستلزامه عين البقاء الأبدي وتحققه بالوجود المحض الحقاني . ( ولو على قتل حية ، ) هذا تضمين لقوله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية ) . ( وليست الحية سوى نفسك . ) أي ، الحية التي هي عدو لك وينبغي قتلها ليست في الحقيقة إلا نفسك . كما قال ، صلى الله عليه وسلم : ( أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ) . ( والحية حية لنفسها بالصورة والحقيقة . والشئ لا يقتل عن نفسه . وإن أفسدت الصورة في الحس ) ( لا يقتل . وإن أفسدت ) هما على البناء للمفعول . أي ، الذات الحية حية لنفسها ، وذاتها باقية بصورتها النوعية وحقيقتها الكلية . والشئ لا يفنى عن نفسه ولا يزال . وإن دخل الفساد فيه ، لا يدخل في حقيقته و صورته النوعية بل في صورته الحسية . وإنما نقل الكلام في هذه الحكمة ( الإيناسية ) إلى بيان البقاء وكشف المعاد ، لأن إلياس ، عليه السلام ، كان إدريس ، فارتفع إلى السماء ، وبقى فيها وفنى صورته الشخصية ، ثم عاد إلى صورته الإلياسية . فنبه ، رضى الله عنه ، المحجوبين عن العود ، الجاهلين بالبقاء السرمدي ، بحال إدريس عليه السلام . ( فإن الحد يضبطها ، والخيال لا يزيلها . ) تعليل للبقاء . والمراد ب ( الحد ) حقيقة المحدود . إذ الحد والمحدود لا يختلفان إلا بالإجمال والتفصيل فقط . أي ، فإن الحقيقة الثابتة في العلم ، المعبر عنها ب ( الحد ) ، يضبط حقيقة ما أفسدت صورته عن التفرق والفناء ، والخيال الحافظ للمثال يحفظها عن الفناء ولا يزيلها . ويجوز أن يكون المراد ب ( الحد ) الصورة العقلية المثبتة في ألواح الكتب السماوية واللوح المحفوظ . ( وإذا كان الأمر على هذا ، فهذا هو الأمان على الذوات والعزة والمنعة . فإنك لا تقدر على إفساد الحدود ، وأي عزة أعظم من هذه العزة . ) أي ، وإذا كان الشأن الإلهي على هذا الطريق ، بحيث لا يفنى شئ ولا ينعدم ذات أصلا بحسب الحقيقة ، فهذا هو الأمان من الله على الذوات . والعزة عين لا يقهرها بالإفناء