( قال الله تعالى : ( ليس كمثله شئ ) فنزه وشبه . ) أما تنزيهه فظاهر ، لأنه نفى المماثلة على تقدير زيادة ( الكاف ) . وعلى عدم زيادته أيضا يلزم المطلوب ، لأن نفى المماثلة عن المثل ، يوجب نفى المماثلة عن نفسه بطريق الأولى . وأما تشبيهه ، فإنه أثبت له مثلا ونفى عنه المماثلة . وإثبات المثل تشبيه . و ليس ذلك المثل إلا الإنسان المخلوق على صورته ، المتصف بكمالاته إلا الوجوب الذاتي الفارق بينهما . كما مر في ( الفص الآدمي ) . قال الشيخ ، رضى الله عنه ، في كتاب الأسرار والصلاة : على أول مبدع كان ولا موجود ظهر هنالك ولا نجم فسماه مثلا . وقد أوجده فردا لا ينقسم في قوله : ( ليس كمثله شئ ) . وهو العالم الفرد العلم . ( ( وهو السميع البصير ) فشبه . ) لأنه أثبت له ما هو ثابت لغيره . ونزه أيضا في هذا القول ، لأن تقديم الضمير يوجب حصر السمع والبصر فيه ، فنزه عن المشاركة مع الغير فيهما . ( وهي أعظم آية تنزيه نزلت ، ومع ذلك لم تخل عن تشبيه ، ب ( الكاف ) . فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه . ثم ، قال : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) . ) أي ، عما يصفونه بحسب مبالغ عقولهم . ( وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم . فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حددوه بذلك التنزيه . ) لأن التميز عن كل شئ محدود بتمايزه عنها . ( وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا . ) أي ، وذلك التحديد يحصل من قصور العقول عن إدراك الحقائق الإلهية وشؤونها على ما هي عليها . وما [7]