ليس كذلك . فإن الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى الله ، ولا إلى غيره ، وإنما يقدح في الرضا بالمقضى . ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضى ، والضر هو المقضى ، ما هو عين القضاء ) أي ، وإنما منع هذه الطائفة عن الشكاية نظرهم في أن من يكون شاكيا لا يكون راضيا بالقضاء ، سواء كانت الشكاية إلى الله ، أو إلى غيره . و وليس كذلك . لأن القضاء حكم الله في الأشياء على حد علمه تعالى بها ، وما يقع في الوجود المقضى به ، الذي يطلبه عين العبد باستعداده من الحضرة الإلهية ، ولا شك أن الحكم غير المحكوم به والمحكوم عليه ، لكونه نسبة قائمة بهما . فلا يلزم من الرضا بالحكم الذي هو من طرف الحق الرضا بالمحكوم به ، ومن عدم الرضا بالمحكوم به لا يلزم عدم الرضا بالحكم . وإنما لزم الرضا بالقضاء ، لأن العبد لا بد أن يرضى بحكم سيده . وأما المقضى به فهو مقتضى عين العبد ، سواء رضى بذلك ، أو لم يرض . كما قال : ( من وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد دون ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) . ولو قال قائل : المقضى به لازم للقضاء ، وعدم الرضا باللازم الذي هو المقضى به يوجب عدم الرضا بملزومه الذي هو القضاء . نقول : إن القضاء هو الحكم بوجود مقتضيات الأعيان وأحوالها ، فوجودها لازم للحكم لأنفسها . ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي . وهو جهل بالشخص إذا ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه ، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المولم ، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه ، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف . ) لأنه هويته هوية الحق ، فالإزالة عن نفسه إزالة عن الحق تعالى ما يؤذيه . ( فإن الله تعالى قد وصف نفسه بأنه يؤذى به ) على المبنى للمفعول . ( فقال : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله ) . وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه ؟ أو عن مقام إلهي لا تعلمه ؟ ) أي ، الابتلاء إنما يحصل للعبد بسبب الغفلة عن الله ، أو عن حضرة من حضراته الكلية ، وذلك من غيرته على عبده ، فابتلاؤه إياك من