فالذي ينبغي أن يقال : إنّ بناء العاقد إن كان على إنشاء النكاح المنقطع - ولكن نسي ذكر الأجل عند الإنشاء وقصد النكاح الدائم - فلا شبهة في وقوعه دائما ، لأنّه المقصود بعد نسيان ذكر الأجل . وإن كان بناء العاقد على إنشاء المتعة ، ولكن نسي ذكر الأجل أو تركه عمدا فالقاعدة تقتضي البطلان ، لأنّ المقصود بالفرض وهو المتعة لم ينشأ ، والمنشأ صورة هو الدوام ، لكنه غير مقصود ، ومن المعلوم أنّ الإنشاء هو إبراز الأمر النفساني في الخارج ، ومع فرض عدم قصد الدوام لا يكون ذلك مبرزا باللفظ . والمتعة وإن كانت مقصودة ، لكنها لم تبرز باللفظ ، فلا بد من الالتزام بعدم وقوع شيء من الدوام والمتعة . أمّا الأوّل فلعدم كونه مقصودا ، وقصد عنوان العقد ومضمونه لا بدّ منه في وقوعه . وأمّا الثاني فلفقدان شرط صحته أعني ذكر الأجل ، على ما دلَّت عليه الروايات . فما عن المشهور كما في عبارة المسالك المتقدمة عند شرح كلام المصنف - من : أنّه مع البناء على إنشاء النكاح المنقطع لكنه غفل حين الإنشاء ولم يذكر الأجل انعقد دائما استنادا إلى الوجوه الثلاثة المتقدمة في المسالك : من أصالة الصحة ومن تعيّن الدوام بعد انتفاء الانقطاع ، للإخلال بشرطه وهو ذكر الأجل ، ولموثقة ابن بكير المتقدمة - في غاية الإشكال . أمّا في أصالة الصحة : فلأنّها غير مشرّعة ، بل شأنها تطبيق الكبرى على الصغرى ، ومتعلق الخطاب على المأتي به . وبعبارة أخرى : شأن أصالة الصحة إثبات مطابقة الواقع مع المأتيّ به ، وأمّا كون الشيء الفلاني شرطا شرعيا لعقد أو لا فلا يمكن إثبات شرطيته أو نفيها بأصالة الصحة . وأمّا في تعيّن الدوام بعد انتفاء الانقطاع : فلأنّ العقد لا يتمحّض لأحدهما إلَّا بإنشائه بما يكون دالَّا عليه ، والإنشاء منوط بالقصد ، والمفروض أنّ المقصود هو المتعة ، والقصور يكون في الدالّ ، لعدم ذكر الأجل نسيانا ، فلا يقع شيء من النكاحين . أمّا الدوام فلعدم قصده ، وأمّا الانقطاع فلفقدان شرطه وهو ذكر الأجل . وأمّا في موثقة ابن بكير فلعدم الدلالة كما عرفت آنفا . فالحق بطلان العقد رأسا ، فأين تخلَّف العقد فيه عن القصد ؟ هذا .