نام کتاب : نظام الحكم في الإسلام نویسنده : الشيخ المنتظري جلد : 1 صفحه : 56
في الحجّ والمزار : وأمّا الحجّ فلا شك في أنّ الجهات الاجتماعيّة والسياسيّة بل الاقتصاديّة منظورة في تشريعه جدّاً . قال الله - تعالى - : ( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس ) [1] " والقيام والقوام اسم لما يقوم به الشيء " كما ذكر الراغب [2] ، فمقتضى الآية أنّ الناس يتقوّمون في معاشهم بالكعبة . فيعلم من ذلك أنّ الغرض من تشريع الحج ليس الإتيان بصورة الأعمال فقط ، بل مجيء المستطيعين من البلاد والأصقاع المختلفة وتعارفهم وتفاهمهم ، ليتعارفوا ويتعاضدوا ويوجدوا بينهم العلاقات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة وغيرها ، فيكون الحجّ لهم مؤتمراً كبيراً عالميّاً في مركز الوحي والنبوّة . وبمثل ذلك يقوم الناس والأمم . وعن الرضا ( عليه السلام ) قال : " إنّما أمروا بالحجّ لعلّة الوفادة إلى الله عزّ وجلّ . . . مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع ، لجميع من في شرق الأرض وغربها ، ومن في البر والبحر ، ممّن يحجّ وممّن لم يحجّ ، من بين تاجر وجالب وبائع ومشتري وكاسب ومسكين ومكار وفقير ، وقضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيه ، مع ما فيه من التفقّه ونقل أخبار الأئمة إلى كل صقع وناحية " [3] فانظر كيف غفل المسلمون وأُغفلوا عن بركات وفوائد هذا الاجتماع المهمّ في مركز الوحي ، الذي سهّل الله تحقّقه لهم في كل سنة . ولو كان لهم وعي سياسي لأمكن لهم حلّ كثير من المسائل والمشاكل بتبادل الأفكار والتفاهم ، ولم يتسلّط عليهم الأعداء ، مع كثرة عدد المسلمين وقدرتهم المعنوية وطاقاتهم