المالك ، وأما لو كان تالفا أو كان باقيا عند الفقير فلا ضمان على أحد ، سواء تصدق به بنفسه أو أعطاه إلى الحاكم وهو تصدق به ، ولا يمكن قياسه بباب اللقطة ، ولا بما أودعه اللص ، ولا يمكن إدراجه في قاعدة ( من أتلف ) . أما عدم إمكان قياسه بباب اللقطة : فلأن فيها لم يرد الأمر بالتصدق المطلق ، بل الملتقط مختار في التملك أو الحفظ أو التصدق مع التعهد بالضمان . وأما باب اللص : فلما عرفت من عدم التعدي منه إلى مطلق مجهول المالك ، مع أنه لم يرد فيه الأمر بالتصدق المطلق . وأما في المقام : فقد ورد الأمر به مطلقا ، من دون تعرض لتعهد الضمان ، كما في رواية داود ، [1] ورواية علي بن أبي حمزة [2] الواردة في صديق له كما تقدم الإشارة إليهما . فعلى هذا لا يمكن إدراجه في قاعدة ( من أتلف ) ، لأن مجرد الإذن في الإتلاف وإن لم يقتض المجانية لإمكان كونه إذنا به مع التعهد بالضمان إلا أنه لو كان في مقام البيان وسكت عن الضمان فيستكشف منه المجانية ، كما لو أذن صاحب الطعام لغيره في الأكل من دون تقييده بالضمان ، فإن الظاهر منه هو الإباحة مجانا ، إلا أن يكون قرينة على الضمان : كالمطابخ المعدة لبيع الأطعمة . وحيث إن في المقام ورد الأمر من الشارع بالإتلاف مع ظهوره في عدم الضمان فلا وجه للضمان . وبالجملة : نفس هذه الأدلة حاكمة على قاعدة ( من أتلف ) مع أنه لو شك فيه ولم يستظهر من الأخبار المجانية مع عدم عموم في قاعدة ( من أتلف ) يشمل المقام ، أي : مقام الإحسان إلى المالك ، لا الإتلاف عليه ، فمقتضى القاعدة : البراءة من الضمان . ولا وجه لما عن شيخنا الأنصاري [3] قدس سره من عدم القول بالفصل بين هذه الصورة والصورة التي يستصحب الضمان فيها ، لكون اليد مسبوقة به .
[1] تقدمت في الصفحة : 67 . [2] تقدمت في الصفحة : 59 . [3] المكاسب : ص 71 س 22 وما بعده .