الصبي من باب الاتفاق ، فأمر سبحانه بالابتلاء من زمان القابلية إلى زمان البلوغ حتى يرد أموالهم إليهم من دون تأخير مع بقاء الرشد الممتحن إلى هذا الزمان . بل قيل : [1] إن ( إذا ) للشرط ، وجوابها مجموع الشرط والجزاء ، و ( حتى ) حرف ابتداء ، وغايتها مضمون الجملة التي بعدها ، وهو دفع المال عقيب إيناس الرشد الواقع عقيب بلوغ النكاح ، وعلى هذا فقوله : ( حتى إذا بلغوا ) جملة مستأنفة . وكيف كان ، فظهور مجموع الكلام في اعتبار الرشد والبلوغ مما لا مجال لإنكاره ، وهذا هو المستفاد من أغلب التفاسير كما في المجمع ، [2] والصافي [3] والكشاف [4] والرازي [5] وحاشيته [6] . ففي تفسير الفخر : وشرط في دفع أموالهم إليهم شرطين : أحدهما : بلوغ النكاح ، والثاني : إيناس الرشد . . . إلى آخره [7] . نعم ، استدل أبو حنيفة على صحة تصرفات الصبي بإذن الولي بهذه الآية ، وقال : لأن قوله : ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح ) يقتضي أن هذا الابتلاء إنما يحصل قبل البلوغ ، والمراد من هذا الابتلاء اختبار حاله في أنه هل له تصرف صالح للبيع والشراء ؟ وهذا الاختبار إنما يحصل إذا أذن له في البيع والشراء ، وإن لم يكن هذا المعنى نفس الاختبار فهو داخل في الاختبار ، بدليل أنه يصح الاستثناء ، يقال : وابتلوا اليتامى إلا في البيع والشراء ، وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل ، فثبت أن قوله : ( وابتلوا اليتامى ) أمر للأولياء بأن يأذنوا لهم في البيع والشراء قبل البلوغ ، وذلك يقتضي صحة تصرفاتهم . . . إلى آخره [8] . وأجاب عنه الشافعي بما حاصله : أن الله سبحانه أمر بدفع المال إليهم بعد
[1] قاله الفاضل الطباطبائي كما في الجواهر : كتاب الحجر ج 26 ص 19 . [2] مجمع البيان : ج 3 ص 9 . [3] تفسير الصافي : ج 1 ص 422 . [4] الكشاف : ج 1 ص 473 - 474 . [5] التفسير الكبير : ج 9 ص 187 . [6] أي حاشية ابن المنير الإسكندري ضمن الكشاف : ج 1 ص 473 . [7] التفسير الكبير : ج 9 ص 187 . [8] نقله الفخر الرازي في تفسيره : ج 9 ص 187 .