يجاب عنه بأنه وجب الاقتصار على مجرد التمليك والنقل . ولكنه لا يخفى عليك أنه بعد ما ظهر أن هذه التعاريف تقريبية لا يرد عليه هذه الإشكالات ، مع أن الإشكال الأول والثالث لا يردان عليه . أما الأول : فلأن النقل وإن لم يكن مرادفا للبيع إلا أنه ليس مباينا له ، بل هو أعم من البيع ، لشموله النقل المكاني دونه . وعدم صحة إنشاء البيع بلفظ ( نقلت ) لا يكشف عن تباين معناهما ، فإن عدم إمكان إنشاء المعنى الخاص باللفظ العام إنما هو لأن المعنى أمر بسيط ، وليس له جنس وفصل حتى يمكن إنشاء جنسه أولا ثم فصله . وبعبارة أخرى : إنشاء الأمر البسيط لا يعقل تحققه تدريجا ، فلا يمكن إنشاء النقل الذي هو بمنزلة الجنس ثم إنشاء ما هو المميز بين البيع وغيره ، بل لا محيص عن إنشاء المعنى الخاص باللفظ الموضوع لهذا المعنى . ثم لا يخفى عليك ما في حاشية السيد [1] قدس سره في هذا المقام من توهم إمكان التمليك بدون النقل ، ولذا بنى على مغايرتهما . وبالجملة : حقيقة البيع هو الأمر الاعتباري وتبديل المالين في أحد طرفي الإضافتين . وأما الثالث : فليس مقصود المحقق إلا بيان امتياز هذا النقل عن النقل المكاني ، وأن البيع ليس مجرد تبديل المالين في المكان ، بل التبديل في عالم الاعتبار الذي يتوقف على إنشاء من بيده هذا الأمر الاعتباري ، وليس مقصوده أن النقل بالصيغة داخل في مفهوم البيع حتى تتوقف الصيغة على الإنشاء أيضا ، وإلا لو رد هذا الإشكال على المصنف أيضا ، فإنه في مقام التعريف قال : ( إنه إنشاء تمليك عين بمال ) [2] .
[1] حاشية السيد اليزدي على المكاسب : في تعريف البيع وبيان حقيقته ص 59 س 27 . [2] المكاسب : كتاب البيع ص 79 س 20 .