أصلا وعكسا ، وبيان مدركها كما أهتم به المصنف . ولكنك خبير بأن ظاهر صدر العنوان وإن دل على أن هذه القاعدة أصلا وعكسا من الأصول المسلمة والقواعد الكلية الشرعية إلا أنه يظهر من مجموع كلامه : أنه بصدد بيان ما هو خارج عن قاعدة اليد تخصصا أو تخصيصا ، فإن اليد تقتضي الضمان ، ويرفع هذا الاقتضاء في الجملة إذن المالك وتسليطه ، فالمهم بيان ما يخرج عن العموم ، وليس ذكر القاعدة المعروفة أصلا وعكسا إلا لبيان ذلك . إذا عرفت ذلك فنقول : الضمان قد يراد به معنى المصدري كما في قاعدة الخراج بالضمان كما تقدم [1] وجهه ، وقد يراد به معنى الاسم المصدري كما في المقام ، فإن ( يضمن ) حيث إنه مبني للمفعول يناسب معنى الاسم المصدري ، مع أن تعهد الضامن في الفاسد كالعدم فالجامع بينه وبين الصحيح هو هذا المعنى ، وكما في باب الغصب والمقبوض بالسوم ونحو ذلك مما حكم الشارع بالضمان من دون تعهد الضامن والتزامه ، وهو في الأصل مأخوذ من ضمن بمعنى التزم ، وتعهد ، فكأن الضامن بجعله الضمان أو بالجعل الشرعي متضمن للمال ومثبت في ذمته التي هي واد وسيع . وبالجملة : معنى الضمان كون المال في الذمة ، ومن آثار ثبوت المال في الذمة الغرامة والخسارة ، لا أن الغرامة معناه الحقيقي . ثم إنه ليس معنى الضمان كون تلف ما يضمنه الضامن في ملكه كما احتمله العلامة [2] في الأواني المكسورة ، واختاره صاحب المقابس [3] في مطلق الضمانات ولو في غير باب الإتلاف كباب المغصوب ونحوه ، لأنه لا موجب لتقدير التالف ملكا لمن تلف في يده ، لأن الغرامة في باب الإتلاف والغصب ليست معاوضة حتى يعتبر دخول معوضها في ملك الغارم .
[1] تقدم في الصفحة : 142 . [2] تحرير الأحكام : كتاب الغصب ج 2 ص 139 س 21 . [3] لم نعثر عليه .