أقول : وجه اعتبار الماضوية صراحة الفعل الماضي في إنشاء العناوين به ، لأنه وضع للتحقق والثبوت ، ولذا يستلزم المضي ووقوعه سابقا إذا كان المتكلم في مقام الأخبار عن تحقق المبدأ عن الفاعل ، فإذا كان في مقام إيجاد المبدأ بالهيئة كقوله : ( بعت ) كان صريحا في تحقق الأمر الاعتباري بما هو آلة له ، وهذا بخلاف الفعل المضارع فإنه وضع لتلبس الفاعل بالمبدأ ، وهذا ملازم للتحقق ، لا أنه صريح فيه ، فإن ظهوره البدوي وإن كان تلبسه بالمبدأ حالا - ولذا يتوقف استفادة الاستقبال عنه ( كالسين وسوف ) - إلا أن التلبس الحالي أيضا ليس صريحا في التحقق ، بل لازمه كذلك ، لأنه في معنى اشتغاله بإصدار المبدأ فاستعماله وقصد الإنشاء به دائر مدار القول بصحة الإنشاء بالكنايات . وبالجملة : الفعل المضارع مع اسم الفاعل متحدان في المعنى وإن كان بينهما ترتب في النسبة ، فإن المضارع وضع لنسبة الفعل إلى الفاعل ، وبعد تحقق هذه النسبة يتصف الفاعل بأنه ممن صدر عنه الفعل ، ولذا يقال : ضرب يضرب فهو ضارب . وكما لا يصح إنشاء عناوين العقود والإيقاعات باسم الفاعل فكذا لا يصح بالفعل المضارع ، فقوله : أبيعك أو أطلقك أو أحررك بمنزلة قوله : أنا البائع ، أنا المطلق ، أنا المعتق في عدم كونهما آلة لإنشاء العناوين بهما . نعم ، في خصوص لفظ ( طالق ) دل الدليل على وقوع الإيقاع به . ومما ذكرنا ظهر حال الأمر أيضا فإنه وضع لإلقاء نسبة المادة إلى الفاعل ، فإذا لم يكن من العالي فليس إلا استدعاء والتماسا ، فقولها : زوجني نفسك لا يفيد الإنشاء وإيجاد علقة الزوجية ، بل يفيد الاستدعاء وطلب الإنشاء منه ، فحكمه حكم المضارع ، فكما أنه أشبه بالوعد فكذلك هو أشبه بالمقاولة واستدعاء الإيقاع . والأخبار [1] الواردة في بيع الآبق الظاهرة في كفاية قوله : ( أشتري ) في إنشاء العنوان بالفعل المضارع ، والواردة في باب النكاح [2] ، وبيع المصحف [3] كذلك
[1] وسائل الشيعة : ج 12 ص 262 - 263 ب 11 من أبواب عقد البيع أحاديث الباب . [2] وسائل الشيعة : ج 14 ص 194 - 197 أحاديث الباب ب 1 من أبواب عقد النكاح . [3] وسائل الشيعة : ج 12 ص 114 - 116 أحاديث الباب ب 31 من أبواب ما يكتسب به .