فأصبحت قيمتها الشرائية عند حلول الأجل نصف ما كانت عليه في السابق ، استحق الدائن على المدين عشرة آلاف أخرى اضافية ، وهذا مصداق للربا المحرّم ، بل قد يكون سعر التضخّم أكثر من سعر الفائدة الربوية اليوم ، فكيف يمكن الالتزام بذلك ؟ ! ويمكن الإجابة عن هذا الإشكال أيضا : أوّلا : بأنّه لا بأس بالالتزام بذلك ؛ لأنّه ليس ربا ، إذ ليس كل زيادة عينية أو اسمية ربا في باب القرض ، وإنّما الربا هو الزيادة على رأس المال ، أي زيادة مال على أصل المال المسلَّف ، وهذا لا يصدق في المقام ، فلا يشمله إطلاق الآية ، أو روايات حرمة الربا ؛ إذ الزيادة إن كانت من جهة المالية والقيمة التبادلية فالمفروض مساواتها مع الأصل نتيجة التضخّم وهبوط قيمة النقد ، وإن كانت من جهة الزيادة الاسمية ، وأن عشرين تومان أزيد من عشرة فالاسم أو الاعتبار بما هو اسم أو اعتبار ليس مالا كما أشرنا ، وانما ماليّته بلحاظ قوّته التبادلية والشرائية ، وهي معادلة للأصل ، وبهذا ظهر الفرق بين النقد الاعتباري والأجناس الأخرى ، فإنّ منّين من الحنطة مال أزيد من منّ واحد ، ولو نقصت قيمته السوقية ، فيصدق فيه الزيادة في المال على رأس المال ، فيكون ربا محرّما فالحاصل إن المستفاد من ذيل آية الربا ، ومما ورد في تفسير الربا « وأن كل شرط جرّ نفعا فهو ربا » أن الميزان والمقصود من الربا - الذي يعني لغة الزيادة - ليس مطلق الزيادة حتى إذا لم تكن لها مالية ونفع ، كما لو زاد شيئا لا مالية له كالميتة مثلا ، بل الزيادة في المالية بلحاظ رأس المال ، وهذا يصدق في مورد الجنس الحقيقي بمجرّد زيادة كميته عرفا ، ولو نقصت قيمته ، كما يصدق كلَّما كان الجنس مساويا ، ولكن اشترط شرط زائد له مالية ونفع ، وأما إذا لم تكن الزيادة إلا عنوانا واسما من دون جنس حقيقي زائد ، كما في النقد الاعتباري فلا تصدق