أتلف منّا من حنطة فضمنها ثم نقصت قيمتها ، فإنّه لا يجب عليه أكثر من دفع منّ من تلك الحنطة ؟ ! فإنّه يقال : إن الحكم بعدم ضمان ذلك ليس من الجهة المذكورة في الإشكال ، بل لجهة أخرى وهي كون القيمة حيثية تعليليّة لمالية الأجناس الحقيقية لا تقييدية ، بمعنى أنّ منّا من تلك الحنطة يعدّ عرفا نفس ذلك المال التالف ، لا أقلّ منه ، إلا إذا فكَّرنا بعقلية تجارية حسابية لا تكون ميزانا للأحكام العرفية والعقلائية ، فلو أريد ضمان نقصان قيمة السلعة زائدا على منّ من تلك الحنطة من باب دخل ذلك في المثلية ، فليست القيمة السوقية دخيلة في ذلك في الأجناس الحقيقية كما أشرنا ، وإن أريد ضمانه بعنوان ضمان القيمة السوقية مستقلا وابتداء فالضمان لا يتعلَّق إلا بالمال لا بالمالية ، وإنّما المالية حيثيّة تعليليّة في المال المضمون ، فإن هذا هو المستظهر من أدلَّة ضمان الأموال الشرعية والعقلائية ، وهذا بخلاف النقد الاعتباري المحض ، فإن قيمته وقوّته الشرائية تمام حقيقية وقوامه فتكون حيثية تقييدية فيه ، أي إن مالية النقد الاعتباري تكون بقيمته التبادلية والشرائية ، لا بجنسه الحقيقي ؛ إذ لا قيمة له ، ولا باعتباره ؛ لأن الاعتبار بما هو اعتبار ليس مالا ، وانما المالية بما وراء ذلك الاعتبار من القوة الاقتصادية في الجهة المصدّرة التي تجعل الورقة النقدية فيها قوة شرائية تبادلية حقيقة ، وهذا يعني أن مالية هذه الأوراق إنّما تكون بنفس قوتها التبادلية والشرائية لا بشيء آخر ، فلا محالة يكون مثل النقد المأخوذ أو التالف أوّلا ما يعادله من نفس النقد في قوّته الشرائية التبادلية ، وبهذا يدّعى الفرق بين النقود الاعتبارية والأموال الحقيقية . الثالث : أن ضمان نقصان قيمة النقد - التضخم - يستلزم تجويز الربا والفائدة بمقدار سعر التضخّم ، فإذا أقرضه مثلا عشرة آلاف تومان لسنة ،