نفسه بأدلَّة أخرى أيضا ، فتبقى الطائفتان الأولى والثانية على حالهما من التعارض ، وعندئذ يتعيّن الجمع بينهما بتقييد الطائفة الثانية الدالَّة على نفي البأس بذبيحة المروة والعود وأشباههما بصورة خروج الدم وفري الأوداج بهما ؛ لأنّ هذا ثابت بأدلَّة أخرى وبنفس صحيح ابن الحجّاج ومعتبرة الشحّام ، لأنّهما تدلَّان على كل حال على لزوم ذلك في حلَّية الذبيحة وشرطيّته في الذبح الصحيح ، وإنّما الشكّ والإجمال في دلالتهما على قيد زائد على ذلك ، وهو كون ذلك بالحديدة لا بغيرها ، وبعد هذا التقييد تصبح الطائفة الثانية أخصّ مطلقا من الأولى ، فتقيّدها بصورة عدم إحراز خروج الدم وفري الأوداج تطبيقا لمبنى انقلاب النسبة . هذا لو لم نقل بأنّ الطائفة الثانية في نفسها لا إطلاق لها لصورة عدم تحقّق فري الأوداج وخروج الدم المتعارف ، وإلَّا كانت أخصّ بلا حاجة إلى مبنى انقلاب النسبة ، كما هو واضح . والمتلخّص من مجموع ما تقدّم في هذا الأمر الرابع : أنّ ما ذهب إليه المشهور من اشتراط كون الذبح بجنس الحديد لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأمرين : 1 - ان المراد بالحديدة في الروايات ليس جنس الحديد في قبال غيره من الأجناس ، بل القطعة الحادّة المعدّة للذبح والقطع السريع كالسكين والسيف والشفرة سواء كان مصنوعا من الفلز المخصوص المسمّى بالحديد أم لا ، فإنّ هذا هو المعنى العرفي واللغوي للحديد ، بل لعلَّه إنما سمّي ذلك الفلز بالحديد لصلابته وحدّته ، فلو ثبت من الروايات تفصيل في الذبح بالآلة ، فلا بدّ أن يكون بين الذبح بالحديدة بهذا المعنى وغيره ، لا بين معدن الحديد وغيره . 2 - أنّ أصل التفصيل بين فرض القدرة على الحديدة وغيره في آلة الذبح لا يمكن إثباته بهذه الروايات ؛ لأنّ المستفاد منها ليس بأكثر ممّا هو ثابت