ذلك في شيء من الروايات ولا أسئلة الرواة . وأيضا قد ورد في روايات أخرى التعبير بدلا عن الحديدة بالسكَّين ، ففي صحيح عبد الرحمن بن الحجّاج قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المروة والقصبة والعود يذبح بهنّ الإنسان إذا لم يجد سكَّينا ، فقال . » إلخ [85] . ومعتبرة زيد الشحام ، قال : « سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل لم يكن بحضرته سكين أيذبح بقصبة ؟ فقال : اذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود إذا لم تصب الحديدة » [86] . مع وضوح أن السؤال واحد في جميع هذه الروايات ، فالمراد بالحديدة السكَّين ونحوه مما هو معدّ للقطع والذبح والقتل في قبال ما لم يعدّ لذلك كالحجر والعصا والقصبة ممّا قد يمكن الذبح بها مع العناية والمشقّة للمذبوح . لا يقال : لا مانع من أخذ كلتا الخصوصيتين شرطا في آلة الذبح ، أي كونها من جنس الحديد وأن تكون محدّدة معدّة للقطع والذبح كالسكَّين ونحوه ، فيراد بالحديدة ما يكون سكَّينا من جنس الحديد . فإنّه يقال : بين المعنيين تباين في المفهوم ، فلا يصحّ أخذهما معا في مادة الحديد ؛ إذ الحديد بمعنى الفلزّ المعروف غير الحديد بمعنى الحادّ القاطع ، كما أنّ بينهما عموم من وجه في الصدق ، فالحديدة إمّا أن يراد بها القطعة الحادّة المعدّة للقطع والذبح كالسكَّين والمدية وإن كان من غير جنس الحديد ، وإمّا أن يراد بها القطعة من الفلزّ المخصوص وإن لم تكن حادّة وقاطعة للحم . أمّا الجمع بينهما فهو أشبه باستعمال المادة المشتقّ منها الكلمة في كلا المعنيين ، وحيث إن الحيثيّة الثانية أعني المحددية والقاطعية ملحوظة هنا جزما - بل هو المعنى الأصلي للمادة - فيتعيّن إرادة المعنى الثاني ، بل قد عرفت تعيّن
[85] الوسائل 16 : 308 الباب 2 من أبواب الذبائح ح 1 . [86] المصدر السابق : ح 3 .