فإنّه لا يظهر من كلمات القدماء وجود إجماع في المسألة ، بل لا نجد ذكر هذه الخصوصية حتى في مثل كتاب الانتصار بعنوان ما انفرد به الإمامية ، وأمّا الفتاوى التي ذكرناها ونقلناها عن الكتب فهي متطابقة مع تعابير الروايات ممّا يوجب الاطمئنان بأنّ الإفتاء بها باعتبار ورودها في الروايات لا على أساس إجماع تعبّدي في المسألة ، ومن هنا يحتمل في أكثرها خصوصا كلمات القدماء منها ما سيأتي في معنى الروايات . وأمّا الروايات الخاصّة التي استدلّ بها على شرطية الحديد ، فلا دلالة لها على ذلك ، وذلك : أمّا أوّلا : فلأنّ الوارد في لسانها عنوان الحديدة ، والحديدة هي القطعة من الفلز الصعب الذي غالبا يكون من جنس الحديد ، والذي يحدّد ويعدّ للقطع والذبح ، فيكون المراد من الحديدة السكَّين والمدية والسيف والشفرة ونحوها ، ويكون الملحوظ فيها كونها قطعة حادّة معدّة لذلك ، لا جنسها وكونها من فلز الحديد في قبال سائر الفلزات المنطبعة كالنحاس والصفر ، فيكون قوله عليه السلام : « لا ذكاة إلا بحديدة » بمعنى لا ذكاة إلا بالسكَّين والسيف ونحوهما في قبال الذبح بالليطة والحجر والعود والقصبة ممّا ليس معدّا لذلك . وليس المراد اشتراط كون آلة الذبح من جنس الحديد لا من جنس آخر ، فلو كان الحديد على شكل عصا أو هراوة أيضا لا يصلح الذكاة به لأنّها ليست بحديدة بالمعنى المتقدّم . وممّا يشهد على إرادة هذا المعنى ما نجده في هذه الروايات وغيرها من جعل المقابلة بين الحديدة وبين العود والحجر والقصبة والليطة ، مع أنّه لو كان النظر إلى خصوصية الجنس كان اللازم أن يجعل المقابلة بين الحديد وبين النحاس والصفر والذهب ونحوها من الأجناس الأخرى ، في حين أنّه لم يرد