ثم إن هناك رواية قد يتوهم دلالتها على أن الأصل في الدية الدراهم ، أو على الأقل الاجتزاء بها في الدية إذا كانت بالمقدار المقدّر شرعا ، وهو عشرة آلاف درهم حتى إذا كانت أقل من قيمة سائر الأجناس ، وهي معتبرة إسحاق بن عمار الواردة في الزكاة . عن أبي إبراهيم ( ع ) قال : قلت له : تسعون ومائة درهم وتسعة عشر دينارا عليها في الزكاة شيء ؟ فقال : إذا اجتمع الذهب والفضة فبلغ ذلك مائتي درهم ففيها الزكاة لأن عين المال الدراهم وكل ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود إلى الدراهم في الزكاة والديات [23] . تقريب الدلالة : أنها صرّحت بأن الميزان بالدراهم في الديات والزكاة لا بالأجناس الأخرى التي هي عروض بخلاف الدراهم فإنها عين المال فبلوغ النصاب بحساب الدرهم كاف في تعلق الزكاة وإن لم يبلغ بحساب الذهب . كما ان بلوغ الدية بالدرهم المقدار للجناية كاف في الدفع ومجز ، وإن لم يبلغ المقدّر بالأجناس الأخرى لأنها عروض مردودة إلى الدراهم . وفيه : ( أولا ) : ان هذا المعنى غير معمول به ، بل على خلافه صريح روايات أخرى في باب الزكاة دلت على أن اللازم بلوغ كل جنس يملكه الإنسان نصابه المقرر فيه لكي تتعلَّق الزكاة ، فلا تجب فيما إذا بلغ المجموع بحساب الدراهم مائتي درهم ، ومن هنا طرحت هذه الرواية وحملت على التقية ، أو أوّلت ، ومعه لا يتعيّن له معنى يمكن الاستفادة منه في باب الديات أيضا . ( وثانيا ) : لو فرض العمل بها وعدم إجمالها فليس مفادها أن الأصل في الدية والزكاة الدراهم ، وانما ظاهرها ان الدراهم لكونها عين المال أي خالصة - وهو كناية عن كونها النقد الذي يقاس به مالية سائر الأجناس ، كما يشهد به قوله ( ع ) : ( وكل ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع عرض مردود إلى الدراهم ) - فيكفي دفع الدية منها ولا يشترط دفع الجنس لأن الدراهم عين ماليته ،
[23] وسائل الشيعة ج 6 ص 93 ب 1 من زكاة الذهب والفضة ج 7 .