جزما ، وهذا كان أمرا واقعا حتى في تلك الأزمنة التي صدرت فيها هذه الروايات ، ومعه كيف يمكن افتراض ان هذه الأجناس الستة بأعدادها التي جعلت دية كانت متساوية في المالية والقيمة السوقية ، فإن هذا لو فرض إمكانه في زمان معيّن ، ومكان معين ، فهو غير ثابت في تمام الأزمنة والأمكنة والحالات حتى عند العرف ، أي هذه النكتة يعرفها ويفهمها العرف أيضا فلا بدّ وأن يكون ذلك مجرّد حكمة في أصل التشريع كما ذكره صاحب الجواهر ( قده ) ، ويكون المدار على الأعداد المقرّرة لكل جنس مهما بلغت قيمتها . والجواب : ( أولا ) - ان المراد بالقيمة المتعادلة ليس التساوي الدقيق في القيمة وفي تمام الحالات بل المقصود هو التعادل بمعنى التقارب في القيمة السوقية في الأوضاع الثابتة لها ، أي لمتوسط القيمة في الأسواق العامة التي كانت في حاضرة الإسلام وقتئذ وهذا كان أمرا ثابتا عادة خصوصا في مثل الانعام الثلاثة ، والتي هي لحد اليوم بتلك الأعداد متقاربة في المالية . والذي يقضي بهذا الفهم مضافا إلى ما ورد في الروايات المتقدمة في الدية المغلظة من التعبير عن عشرين غنم بأنه قيمة كل ناب من الإبل أو عن عشرة دنانير أو مائة وعشرين درهما بأن قيمة كل بعير ، وغير ذلك مما هو صريح في ملاحظة قيمة مائة من الإبل وماليتها في ما جعل من الأصناف الأخرى في عرضها ، وعدم إلغاء ذلك لمجرّد العدد . ما ذكرناه من المناسبة العرفية من ان الدية بابها باب الضمانات المالية فهي تعويض لخسارة المجني عليه المادية وقيمة الجناية كما في بعض الروايات ، فلا يناسب أن يكون هذا الضمان في خسارة واحدة دائرا بين الأقل والأكثر في المالية ، فإن هذا قد يناسب الأمور التعبدية المحضة كالكفارات ، بأن تكون قيمة عتق العبد أضعاف إطعام عشرة مساكين مثلا ، ولا يناسب باب ضمان