وقد يناقش في هذا الاستدلال أيضا بأنا لو سلَّمنا دلالة هذه الصحيحة أو غيرها على ملاحظة الشارع لمالية الإبل في الأصناف الأخرى في مقام تحديد مقدارها فهذا كان في ابتداء الأمر حكمة لبسط الدية على الأصناف الستة وليس علَّة أو قيدا في موضوع الحكم ، لكي يجب ملاحظته في كل زمان ويدور الحكم مداره ، بل يتمسك بإطلاق ما حدّد في كل صنف منها لإثبات إجزائه مهما بلغت قيمته وماليته بالنسبة للإبل أو لسائر الأصناف فيثبت أن كل صنف منها بعد التشريع وبسط الدية عليه أصبح أصلا برأسه ، وقد يشهد عليه انه لو كان الأصل في الدية مائة من الإبل فقط الأصناف الأخرى رخص في دفعها بدلا عنها بما يعادلها في القيمة لم يكن وجه لتحديد عدد مخصوص لكل واحد منها ، بل كان ينبغي أن يقال وبقيمة مائة إبل من الغنم والبقر والدرهم والدينار والحلل مهما كان العدد . ويلاحظ على ذلك : بأنه مع فرض تصريح الروايات بملاحظة قيمة الإبل بأسنانها في بعض الأصناف الأخرى لا مجال لحمل ذلك على الحكمة في بداية التشريع فإنه خلاف ظهور أخذ هذه الحيثية في الموضوعية خصوصا إذا لا حظنا أن هذا هو المناسب مع الفهم العرفي واعتباراتهم في باب الضمانات ، بل لو لا ملاحظة ذلك لم يكن معنى لتغليظ الدية في العمد ، وشبه العمد ، بدفع الإبل المسان الكبيرة بل العرف لا يتعقّل أن يكون ضمان عضو أو نفس دائرا بين الأقلّ والأكثر في المالية ، فالغاء هذه الخصوصية عن الموضوعية كما هو ظاهر اللفظ ، وهو المتفاهم عرفا بلا موجب وبذلك يقيد إطلاق ذكر الأعداد المذكورة لسائر الأصناف ، ويحمل على أنّه بلحاظ الوضع النوعي العام في ذلك الزمان . وما ذكر من انه لو كان الأمر دائرا مدار قيمة الإبل من سائر الأصناف لم يكن وجه ، لذكر العدد وتحديده في كل صنف مدفوع : بأن فائدة التحديد تشخيص القيمة