الدية أصلا ، وانه لا بدّ من إعطائها بخصوصيتها وبعددها وماليتها ، إلا انه لا بدّ من رفع اليد عن هذا الظهور بما دل على ان الدية أعمّ منها ، وأنّه يجزي أحد الأصناف الستة : ولكن تلك الروايات المتعرّضة للأصناف الستة بعنوان الدّية إنما تقيد الإطلاق أو الظهور المذكور بمقدارها ، لا أكثر ، كما هو مقتضى صناعة التقييد والجمع بين الأدلَّة . وعندئذ يقال : ان قصارى مفاد تلك الروايات المفيدة رفع اليد عن خصوصية مائة إبل في قبال أحد الأصناف الأخرى لا رفع اليد عن مقدار ماليتها أيضا وذلك بأحد بيانين : ( البيان الأول ) : ان الروايات التي ذكرت الأصناف الأخرى جعلتها عدلا لمائة إبل ، بأعداد معينة كانت وقتئذ متعادلة معها في المالية والقيمة السوقية ، كما يظهر بمراجعة الشواهد التاريخية وألسنة بعض الروايات ، فيحتمل أن تكون هذه الخصوصية ، أعني : التعادل والتوازن في المالية من الخصوصيات الدخيلة في الحكم المذكور ، بل هذا هو المناسب مع الارتكاز العرفي في باب الدية ، التي هي حق مالي للمجني عليه يضمنه الجاني على حد سائر الضمانات المالية ، بحيث ما يجعل دية ويوسّع في أصنافه وأقسامه على الجاني بحسب ما هو أهل له وفي متناول يده لمصلحة التسهيل عليه لا بدّ وأنّ يكون بمالية متعادلة عرفا ، لا متفاوتة تفاوتا فاحشا ، فتكون هذه الحيثية ملحوظة في جعل الأصناف الستة على نحو الركنية والموضوعية ، ولا أقل من احتمال ذلك احتمالا معتدّا به يمنع عن انعقاد إطلاق في الروايات المذكورة لما إذا وقع تغاير فاحش في مالية بعضها . وهذا يعني : ان الروايات المقيدة لإطلاق أنّ الدية مائة من الإبل لا غير ، لا تدلّ على أكثر من عدلية الأصناف الخمسة الأخرى بتلك الأعداد وبوصف كونها معادلة في المالية مع مائة من الإبل والذي كان محفوظا في تلك الأعداد حين صدور الروايات لا مطلقا ؛ إذ لا إطلاق لها من هذه الناحية بعد فرض انها خارجا