كانت رائجة حينذاك ، وهي أقلّ من الدية المقدّرة شرعا ، لا ما إذا كانت نفقة العلاج أكثر من الدية ، فلا يمكن أن يستفاد منها نفي ضمان النفقة الزائدة على الدية فيثبت على القاعدة - لو تمّ مقتضي الضمان فيها - أعلى الحدّين . ومنه يظهر وجه عدم تعرض روايات المصالحة على حق القصاص بالدية أو استرقاق العبد الجاني إذا كانت دية جنايته مستوعبة لنفقة العلاج ، وعدم إدخالها في الحساب ، فإن ما يصحّ جعله بدلا عن حقّ القصاص أو موجبا لحقّ الاسترقاق خصوص ما يضمنه الجاني من الدّية ، أي من التعويض في قبال الجرح أو العيب أو النقص في البدن ، لا ما يغرمه وتشتغل ذمّته به بملاك آخر ، كإتلاف الأموال ، وان كان بسبب الجناية وملازما معها ، كما إذا كان قيمة ثوبه الذي أتلفه مع الدية مستوعبا لقيمة العبد فإنه لا يسترق بذلك . وأما التقريب الثاني - فبالمنع عن صحة ذلك الفهم للديات أساسا ، فإن الحرّ لا يتعامل معه تعامل المال ، لا عند العقلاء ، ولا عند الشارع ، فليست دية جراحته قيمة ما نقص من قيمته وماليته ، ولا تعويضا مدنيّا ، بل تعويض وغرامة جنائية كالعقوبات المالية ، غاية الأمر جعلت حقا للمجني عليه كالقصاص ، ومن هنا كانت أحكام الديات تختلف عن أحكام باب ضمان الأموال الذي يعبّر عنه بالمسؤولية المدنية ، من قبيل تحمل العاقلة للدية في الخطأ المحض ، أو تعلَّق أكثر من دية واحدة إذا تعددت الجناية على الأعضاء ، بحيث كان مجموعها أكثر من دية ، بل قد تبلغ ست ديات كما في بعض الروايات ، أو جعل المرأة تعاقل الرجل في الدية إلى الثلث ثم تعود إلى النصف ، أو عدم الفرق في مقدار الديات بين الصغير والكبير ، والوضيع والشريف ، والماهر الخبير ، الكسوب وغيره ، أو الفرق بين دية المسلم والكافر ، إلى غير ذلك من الأحكام التي تدلَّنا على ان فهم الدية على أنها قيمة المالية الناقصة بالجراحة لبدن الإنسان غير صحيح ، بل