الأنسب كونها تكريما للمجني عليه ، وجعل حق عقوبة وغرامة مالية بيده على الجاني تتقدّر بحسب فداحة الجناية ، وخطورتها وخفتها ، والتعبير بالضمان أو الغرامة الواردة في الروايات لا يدلّ على خلاف ذلك ، إذ الضمان أو الغرامة معنى عام ينطبق في التعويضات والغرامات الجنائية أيضا باعتبار اشتغال ذمّة الجاني بها كالتعويض المدني عن المال . هذا مضافا إلى ان ظاهر روايات الدّية وما ورد فيها من التصريح بأن الدية بدل العيب أو النقص أو الكسر أو الجرح الحاصل في البدن بالجناية أنها في قبال ذلك ، فلو سلمنا أن الدية تعويض عن القيمة ، والمالية الزائلة بالجناية ، فهي قيمة النقص والعيب والجرح لا قيمة وصف الصحة وبدلا عنها ، ليتوهم اشتمالها على نفقة العلاج وتحصيل الصحة ، بل لو استرجع المجني عليه صحته وبرء عن الجرح أو الكسر بنحو لم يبق فيه أثر ولا عيب أو عثم لم يستحق الدية المقدّرة ، وهذا معناه ان الدية لا تدفع في قبال العلاج وتحصيل الصحة ، بل في قبال النقص الحاصل في بدن المجني عليه بالجناية وهو غير العلاج والبرء ، والذي قد يبقى بعده ناقصا . فنفقات العلاج التي يضطر إليها المجني عليه ضرر مالي آخر مستقل عن النقص أو العيب والشين في البدن ، ومنه يظهر عدم صحة قياسه على احداث عيب في مال الغير فإن عدم ضمان نفقة إصلاحه زائدا على أرش العيب ، لأنّه لا يصدق الإضرار والنقص بمالية ماله إلا بمقدار ما نقص من قيمته بالعيب لا أكثر ، والذي يكون مقاربا لما يصرف في سبيل إصلاحه أو تبديله بالصحيح منه بخلافه هنا ، فإنه قد أضرّه بضررين ، ضرر في بدنه وهو العيب الحاصل بالجناية ، وضرر في ماله ، وهو نفقة العلاج والبرء من الألم أو الهلكة والموت بالجراحة إذا لم تعالج . فإذا كانت نفقة العلاج ضررا ماليا غير الضرر البدني المستوجب للدية فلا