« ولا يلزم أجر الدواء عندنا وعند ابن القاسم من أصحاب مالك ، وقال الفقهاء السبعة من قومنا يلزمه ذلك » [33] . فالحاصل يظهر من مراجعة كلمات الفقهاء واقتصارهم على ذكر الدية والأروش المقررة في كل جرح وجناية مقدّرة والرجوع إلى الحكومة في غيرها ، أن المركوز عندهم أيضا ملاحظة قيمة الجرح أو النقص الحاصل في البدن وضمان الجاني له على حدّ ضمان نقص المال المعيب بفعل الغير ، وان هذا تمام ما يضمنه في قبال وصف الصحة والعيب ، فلا يكون أخذ نفقة العلاج زائدا على ذلك إلا كأخذ نفقة إصلاح المال المعيب زائدا على أرش العيب . ويمكن الإجابة عن كلا التقريبين : أمّا التقريب الأوّل - فبأنّ سكوت الروايات عن ذكر ضمان نفقة العلاج يمكن أن يكون لضئالتها في تلك الأزمنة بحيث لم يكن العلاج مستلزما لنفقات مهمة معتدّ بها عرفا ، بل كانت تعدّ جزء من المصارف والنفقات اليوميّة الاعتيادية الثابتة للإنسان على كلّ حال . ويمكن أن يكون وجه السكوت عن نفقة العلاج ان نظر الروايات جميعا إلى التعويض عن نفس العيب أو النقص أو الجرح الحاصل في البدن بالجناية لا ما قد تستلزمه الجناية من خسارة أخرى مالية وضرر مادي على المجني عليه ، كإتلاف ماله أو تضرره من أجل العلاج ، فإن التعويض عن ذلك تعويض بملاك آخر ، وحيثية أخرى أجنبية عن الدية ، ومن هنا لم تذكر في الروايات ضمان ما قد يتلف بالجناية من أموال المجني عليه كثوبه الذي على بدنه حين الجناية إذا تلف ، أو دابته تحته إذا هلكت ، فإذا فرضنا أن ضمان نفقة العلاج كان بملاك النقص في المال ، وخسارة ما قد يضطر المجني عليه إلى إنفاقه ، لا العيب أو النقص الحاصل في البدن ، فهذا خارج عن منظور الروايات لأنّها ناظرة إلى ما