بالضمان بموارد صدق الإتلاف أو التلف فقط ، ويخرج كثير من موارد الإضرار المادي بالغير عن الحكم بالضمان كما في مسألتنا هذه ، أو في مثال حبس الحرّ الكسوب ومنعه عن عمله أو حبس متاعه في وقت رواجه ، وارتفاع قيمته السوقية ، ثم إرجاعه إليه في وقت كساده وهبوط قيمته . وقد ذكر المتأخرون بأنه لا يصدق في المثالين الإتلاف للمال ، فلا ضمان فيها على الحابس ، أما في الأوّل فواضح ، وأما في الثاني فلأنّه قد أرجع إليه ماله بعينه وبأوصافه ، وأما نقص القيمة السوقية فهي أمر اعتباري قائم بالسوق ، وليس وصفا حقيقيا للعين الخارجية ليصدق الإتلاف بالنسبة إليه . بينما نجد مثل صاحب الرياض يؤكد على الضمان فيه بملاك الإضرار الذي هو أوسع من عنوان الإتلاف ، كما ان القوانين الوضعية تكاد تطبق على ثبوت الضمان ، ولزوم التعويض عن كل الإضرار المادية التي لحقت بالغير بسبب الفعل الضار ، فتنقيح أن موجب الضمان هل ينحصر في عنوان التلف والإتلاف أو يعمّ تمام موارد الإضرار أو الإضرار المالي ، على الأقل مسألة مهمّة وخطيرة ومؤثّرة في موارد كثيرة من فقه المعاملات . وأما المقدمة الثانية - وهي عدم ما يدلّ على الردع ، أو المنع عن ضمان الجاني شيئا زائدا على الدية المقرّرة شرعا ، فما قد يستدلّ به على المنع الروايات المتعرضة لتقدير الدية والأروش ، حيث انّها جميعا رغم تعرّضها بمجموعها إلى تفاصيل كثيرة ساكتة عن ذكر نفقة العلاج وضمان الجاني لها - باستثناء ما تقدّم في معتبرة غياث التي تعرّضت لأجر الطبيب فيما دون السمحاق من الجروح - وعندئذ يمكن أن يدّعى دلالة ذلك على نفي ضمان نفقة العلاج بأحد تقريبين . التقريب الأوّل - استفادة ذلك من نفس السكوت وعدم البيان ، إذ لو يجب على الجاني شيء آخر غير الدية كان ينبغي ذكره والإشارة إليه ، ولو في بعض