بلحاظ المال الذي يضطر المجني عليه على إنفاقه في العلاج بسبب الجناية ، فهذا لو صدق لكان موجبا للضمان جزما إلَّا أنّ في صدقه عليه اشكالا ، لوضوح أن صرف المال لتحصيل نفع أو دفع ألم لا يسمّى إتلافا للمال على المستفيد منه ، بل هو استفادة وانتفاع به . ومنه يعرف الإشكال في إثبات الضمان بقاعدة ( التفويت ) إذ مضافا إلى انه لا دليل على كبرى الضمان بالتفويت ، وانما موضوع الضمان الإتلاف أو اليد لا التفويت ، لا يصدق عنوان التفويت على الاستفادة من المال في علاج أو غذاء أو غير ذلك . وأما ( التسبيب ) فهو ليس موجبا للضمان مستقلا في قبال الإتلاف أو التفويت أو الإضرار ، وانما هو توسعة لموضوع تلك القواعد الموجبة للضمان ، حيث يقال انه لا يشترط المباشرة فيها ، بل يثبت الضمان بها فيما إذا حصل الإتلاف أو التفويت أو الإضرار بالتسبيب أيضا ، فإثبات الضمان به موقوف في الرتبة السابقة على ثبوت الضمان بتلك القواعد كبرى وصغرى . وأما قاعدة ( الإضرار ) فقد ناقشنا فيما سبق في إمكان إثبات كبرى الضمان ، بأنّه لو أريد استفادة ذلك من الروايات الناهية عن الإضرار بالآخرين ، فالنهي لا يدلّ إلا على الحرمة التكليفة لا الضمان ، وان أريد استفادته من قاعدة « لا ضرر ولا ضرار » فهي تنفي الحكم الضرري أي المستوجب لتضرر الآخرين ومنه جواز الإضرار بهم ، فينتفي أصل الضرر ، وأما الضمان فليس إلا تداركا للضرر وجبرانا للخسارة لا انتفاء للضرر فلا يمكن استفادته من لسان نفي أصل الضرر . كما انه قد يناقش في صغرى الإضرار في المقام ، إذ لو أريد صدقه بلحاظ النقص في البدن فهذا صحيح ، ولكنّه لا يقتضي أكثر من ضمان قيمة العضو لا