لا يثبت الضمان بمعنى اشتغال الذمة لو لم يرده ما لم نظم نكتة أخرى مما في سائر الوجوه ، إلا ان هذا لا يعني عدم جدوى هذا الوجه لو تم ، بل فيه فائدتان . إحداهما - انه يثبت مطلبا زائدا على شغل الذمة بنفقة العلاج - لو ثبت ذلك بأحد الوجوه الأخرى - وهو وجوب قيام الجاني به ، ومنه يعرف ان هذا الوجه يجتمع مع تمام تلك الوجوه . لا يقال : مبني هذا الوجه إمكان ردّ وصف الصحة إلى المجني عليه ، ومبنى الوجوه الأخرى أو بعضها على الأقل إتلافه وتفويته فلا يمكن الجمع بينهما . فإنه يقال : الجمع بينهما يكون بملاحظة أنّ العرف يرى أن مقدارا من وصف الصحة ، وهو أصل البرء من الجرح يمكن استرداده ، فيجب على الجاني القيام به ، والزائد على ذلك - كما إذا كان هناك عيب أو نقص أو حصل العلاج بإنفاق المجني عليه على نفسه وخسارته للمال في سبيل ذلك ، يكون مضمونا أيضا وضعا على الجاني بالإتلاف أو التسبيب ، فكلا الحكمين التكليفي والوضعي قابل للجمع لو تم صدق الإتلاف أو التسبيب بالنسبة لما يفوته من الصحة الكاملة ، أو المال الذي ينفقه في العلاج مع وجوب القيام بمسؤولية أصل العلاج والبرء من الجرح تكليفا لا مكانه ، فلا تهافت في مبنى هذا الوجه مع سائر الوجوه . والفائدة الثانية - أن هذا الوجه لو تم من دون أن يتمّ شيء من الوجوه الأخرى للضمان أمكن للحاكم إجبار الجاني على القيام بالمعالجة ، بل يمكن دعوى انه لو امتنع قام الحاكم به ، وأخذ نفقته من الجاني ؛ لأن كل عمل يجب على المكلف من أجل الغير ، ويكون الغرض منه حصوله خارجا ولو من غير مباشرة ذلك المكلف ، أمكن للحاكم القيام به على تقدير امتناع المكلف الواجب