وممّا يمكن أن يستدلّ به على هذا المطلب ما ورد في معتبرة غياث عن جعفر ( ع ) عن أبيه ( ع ) عن علي ( ع ) قال : ما دون السمحاق أجر الطبيب [16] . فإن ظاهرها ان الجرح إذا كان دون السمحاق - وهو الجلد الرقيق على العظم - أي لم يبلغ هذا المبلغ ففيه ضمان أجر الطبيب ممّا يدل على ثبوت الضمان لأجر الطبيب ، إلا أن ذلك باعتبار قلَّته وضئالته كانت أقل من الأرش المقرّر للمراتب الأولى من الجراحات كالسمحاق التي فيها أربع من الإبل ، فعدم ذكره كان من جهة التداخل واستيعاب الأرش فضلا عن الدية له . وما ورد في بعض الروايات الأخرى من إثبات الأرش من الباضعة بثلاث من الإبل ، وهي دون السمحاق ( كما في صحيح زرارة ورواية منصور بن حازم ) [17] لا يوجب سقوط أصل دلالة معتبرة غياث ، بل غايته تقييد إطلاقها بما يكون دون السمحاق ودون الباضعة . فتبقى دلالة المعتبرة على أصل ضمان الجاني لنفقة الطبيب والعلاج حجّة ، وتكون هذه الرواية صالحة لتفسير ذلك السكوت في سائر الروايات بما ذكرناه من التداخل . ويمكن أن يستأنس لضمان نفقة العلاج بما ورد في روايات حد السرقة من أنّ أمير المؤمنين ( ع ) كان يأمر بعلاج من قطع يده في السرقة من بيت المال حتى يبرأ ، فراجع صحيحة محمد بن قيس ، [18] ، ورواية محمد بن مسلم والحارث بن الحضيرة ، [19] وغيرها . فان هذه الروايات وان كانت متكفلة لحد السرقة والجراحة الحاصلة من إجرائها لا الجناية ، إلا ان ظاهر أمر الإمام فيها بالعلاج من بيت المال لزومه ، ويستظهر منه ان علاج المقطوع بالسرقة وبرءه مضمون على بيت المال ، وعندئذ يقال بأن العلاج إذا كان مضمونا في الجرح الحاصل بحقّ - وهو اجراء الحد
[16] الوسائل : الباب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ج 17 . [17] الوسائل : الباب 2 من أبواب ديّات الشجاج والجراح ج 11 و 14 . [18] الوسائل : الباب 29 من أبواب حد السرقة ح 1 . [19] الوسائل : الباب 30 من أبواب حد السرقة ح 1 .