وجود إجماع واضح في المسألة ، حيث إنّه استدل على ذلك بالأصل العملي ، فراجع كلماته . وأمّا كلام المفيد قدس سره في المقنعة [63] فقد ذكر فيه الاستقبال في سياق غيره من الشروط المستحبّة أو الواجبة نفسيا أي غير الموجبة لحرمة الذبيحة ، كعدم قطع رأس الذبيحة وعدم سلخها حتى تبرد ، فراجع وتأمّل . هذا كلَّه في أصل شرطية الاستقبال كبرويا . ثانيا : البحث الصغروي : ثمّ لو فرغنا عن الشرطية ، فهل الشرط استقبال الذابح أو الذبيحة أو كلاهما ؟ وجوه والمشهور الثاني منهما . وقد استدلَّوا عليه بأنّ ظاهر الدليل ذلك ، حيث ورد « استقبل بذبيحتك القبلة » ، والباء للتعدية ، نظير قوله تعالى : * ( ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ ) * [64] أي أذهب اللَّه نورهم ، فيكون ظاهره جعل الذبيحة مستقبلة للقبلة ، نعم ، ورد في مرسل الدعائم عن أبي جعفر عليه السلام « إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذّب الذبيحة أحدّ الشفرة واستقبل القبلة » [65] ، ولكنه مع إرساله لا ظهور فيه على الخلاف ، لاحتمال إرادة الاستقبال بالبهيمة [66] . ولكن الظاهر أنّ الباء في مثل هذه الموارد وإن أفادت التعدية ، إلَّا أنّ ذلك ليس بمعنى سلخ الفاعل عن إسناد الفعل إليه ، بل هو مع بقاء الفعل مسندا إلى فاعله ، فقولنا : « ذهبت بزيد » معناه أنّني ذهبت وأذهبت معي زيدا ، وكذلك معنى « استقبل بذبيحتك القبلة » أن تستقبل أنت القبلة وتجعل ذبيحتك كذلك معك ، فيكون ظاهر هذا اللسان اشتراط استقبال الذابح أيضا حين الذبح وعدم كفاية استقبال الذبيحة وحدها .