المتقدّمة من أنّ الحدود التي تكون فيها حقّ للناس يمكنهم أن يعفوا عنها عند الإمام أو قبل الوصول إلى الإمام ، بخلاف ما يكون للَّه محضا ، فقوله ( ع ) : « دون الإمام » أمّا أن يراد به عند الإمام ، أو يراد به قبل أن يصل إلى الإمام ، وأمّا إرادة ( الغير ) بالدون فهو غير محتمل ، لأنّه لا يناسب مع ( لا يعفى ) المبني للمفعول في الفقرتين معا ، بل كان ينبغي أن يقول : لا يعفو عن الحدود التي للَّه دون الإمام ، وأمّا في حقوق الناس ، فلا بأس بأن يعفو عنه دون الإمام « أي غيره ، وهذا واضح ، بل على هذا أيضا لم يكن يدلّ على عموم حقّ العفو للإمام ، وإنّما يدلّ على أنّ غيره لا حق له في العفو في حقوق اللَّه أصلا ، أمّا الإمام فهل له الحق مطلقا ، أو في الجملة ، فهذا لا دلالة للحديث عليه ، حتّى على فرض إرادة ( غير ) من ( دون ) ، لعدم المفهوم للقيد بأكثر من السالبة الجزئية ، على ما هو محقّق في محلَّه . الجهة الثانية : إنّ الروايات - وفيها المعتبرة - قد دلَّت على أنّ للإمام حقّ العفو في حقوق اللَّه إذا كان الذنب ثابتا بالإقرار ، دون ما إذا كان ثابتا بالشهادة والبيّنة . « منها » : معتبرة طلحة بن زيد عن جعفر ( ع ) قال : حدّثني بعض أهلي أنّ شابّا أتى أمير المؤمنين ( ع ) فأقرّ عنده بالسرقة ، قال : فقال له علىّ ( ع ) : إنّي أراك شابّا لا بأس بهبتك ، فهل تقرأ شيئا من القرآن ، قال : نعم ، سورة البقرة . فقال : قد وهبت يدك لسورة البقرة ، قال : وإنّما منعه أن يقطعه لأنّه لم تقم عليه بيّنة [9] ، وهي معتبرة بسند الشيخ ، لا الصدوق ، فإنّها مرسلة ، والظاهر أنّها مرسلة البرقي التي ينقلها الشيخ بسنده عنه أيضا ، لتطابقها مع نقل الصدوق من حيث المتن ، ودلالتها على التفصيل واضحة ، إلَّا أنّه قد يستشكل في الاستدلال بها بأحد نحوين :