تلخيص واستنتاج : تقدم ان تخريج الاجتزاء بدفع الدية بالنقود الورقية الرائجة اليوم يكون له أحد أساسين . الأول - أن يستفاد ابتداء من روايات الدية تخيير الجاني بين دفع أحد الأجناس الستة ، أو دفع قيمته حيث يكتفي في دفع القيمة بالنقد الرائج في البلد . وقد تقدّم أنّ هذه الاستفادة لا يساعدها مقام الإثبات والدلالة لأنّه إلغاء خصوصية الأجناس وحملها على التخيير بينها وبين قيمة واحد منها خلاف ظاهر الأولى . فيكون مقتضى القاعدة وجوب دفع أحدهما بالخصوص مع الإمكان وعدم الاجتزاء بدفع قيمته لا من جهة أصالة الاشتغال لكي يقال بأن هذا من الشك في أصل التكليف وتعلَّقه بالخصوصية ، أو بالجامع بينها وبين القيمة ، والأصل فيه البراءة حتى إذا كان بنحو التعيين والتخيير فضلا عما إذا كان بنحو الأقل والأكثر - على ما هو محقق في محلَّه - بل من جهة أن مقتضى مفهوم الحصر المستفاد من الاقتصار في روايات التحديد على الأجناس الستة عدم إجزاء غيرها مع إمكان أحدها فلا تصل النوبة إلى البراءة كما هو واضح . الثاني - استفادة ذلك من عنوان الدرهم والدينار بعد استظهار ان المراد منهما في ألسنة الروايات - لو لا القرينة على الخلاف - مطلق النقد الرائج لا النقد الخاصّ ، وفي خصوص روايات الدية يتأكَّد ذلك باعتبار ما فيها من القرائن والمناسبات الدالة على ملاحظة الدرهم بما هو نقد رائج يكون قيمة للأجناس ، بحيث يمكن إعطاء ما يعادله من أي نقد آخر إذا كان رائجا . وهذا الاستظهار هو الذي استقربناه في الجهة السابقة .