المجني عليه لو لا الجناية . ولعل الروايات الدالة على أن المسلمين تتكافأ دماؤهم ، وانه لا فرق في الدية بين الصغير والكبير والشريف والوضيع ، من أهم ما يدلّ على نفي مثل هذا الضمان . وليس يرد هنا ما أوردناه في المسألة الأولى من ضآلة قيمة العلاج ونفقاته ، وكونها ضمن النفقات اليومية الاعتيادية للإنسان ، كما لا يخفى . وهذا بحسب الحقيقة دليل لبي يمكن أن يستدل به على عدم ضمان الجاني زائدا على الدية ونفقات البرء والعلاج - إذا قلنا بضمانها في المسألة الأولى - تعويضا لقاء ما يفوته أو تفوت عائلته من الكسب والمنفعة . وأما المسألة الثالثة - وهي ضمان الجاني نفقات المرافعة والمقاضاة ، وقد ذكرنا ان هذا البحث لا يختصّ بباب الجنايات بل يجري في كل مرافعة ودعوى ، حتى المدنية ، فهل يحكم بثبوت نفقات المرافعة على المحكوم عليه دائما أم لا ؟ وينبغي إيراد البحث في فرعين : الفرع الأوّل - في ضمان المحكوم عليه لنفقات المرافعة للدولة فيجوز أن تستوفيها المحكمة منه لا من المحكوم له ، وهذه مسؤولية مدنيّة وضمان تجاه الحكومة . الفرع الثاني - في ضمانه للمحكوم له ما قد يصرفه من نفقات في سبيل الحصول على حقّه ، إذا توقّف استحصاله عليه . وهذه مسؤولية وضمان تجاه صاحب الحق . ولنقدّم البحث عن الفرع الثاني لاشتراك مباينة مع ما تقدّم فنقول : قد يقال بضمان من عليه الحقّ لصاحب الحقّ ما يبذله في سبيل استحصال حقّه منه ، ومنه نفقات المرافعة وتكليف المحامي والوكيل للدفاع وغير ذلك ،