بدعوى ان هذه النفقات والتكاليف وان كان قد صرفها صاحب الحق باختياره الا انه انما كان إنفاقها في سبيل تحصيل حقّه المهدور ، وفي طول منع المحكوم عليه وأخذه لحقه ، فيكون هو السبب عرفا لفواتها وذهابها عليه وخسارته فيضمنها الجاني بالتسبيب . إلَّا أن الظاهر عدم كفاية هذا المقدار للتسبيب ، فانّنا ذكرنا ان المراد منه ما يوجب استناد موجب الضمان من الإتلاف أو الإضرار أو التفويت إلى غير المباشر ، ومن الواضح أن مجرّد منع الغاصب لحقّ صاحب الحق وتوقف تحصيله على بذل المال لا يكفي لأن يستند خسارة تلك النفقات التي صرفها إلى الغاصب ، فيكون هو المتلف لها أو الضارّ أو المفوت لها زائدا على الحق الأول ، لأن هذا الإنفاق كان من قبل صاحب الحق لمصلحة نفسه ، وهو وصوله إلى حقه فلم يكن له حقان وضمانان ، حق ماله الأول مثلا ، وحق أن يأخذ منه ما يوصله إلى حقّه الأول ، فهذا المقدار لا يكفي للتسبيب وانتساب الإتلاف أو التفويت للمحكوم عليه ومن عليه الحق ، بل الفعل الصادر باختيار الفاعل المباشر - كالإنفاق من صاحب الحق في سبيل استحصال حقه في المقام - لا يستند إلى غير المباشر ، إلا إذا كان هناك تسبيب من إلجاء وإكراه أو تغرير واستدراج ونحو ذلك وليس في المقام شيء من ذلك ، ودعوى : صدق الإضرار به بلحاظ ما صرفه فعلا في سبيل تحصيل حقّه خصوصا إذا كان منع الحق عن علم وعمد ممنوعة إلَّا بنحو من العناية ، كما ان دعوى : أن لنفس التمكَّن من ماله وكونه تحت اختياره مالية وضمان مستقل فوّته عليه الغاصب واضحة الفساد لاستلزام الضمانين من أول الأمر سواء صرف في سبيل تحصيله أم لا وهو كما ترى . بل لعل فيما دل على حرمة الربا وأنّ المالك له رأسماله لا أكثر تصريحا