( الثاني ) - إن الجاني يضمن ما يصرفه وينفقه المجني عليه على نفسه في سبيل العلاج ، باعتباره هو السبب في ذلك والمجني عليه مضطر إلى صرفه وإنفاقه فيصدق التسبيب إلى الخسارة أو الضرر ، والسبب في مثل ذلك أقوى من المباشر فيكون ضامنا للمقدار اللازم إنفاقه للاستعلاج لا أكثر بقاعدة التسبيب . وقد يناقش في هذا الاستدلال كبرى وصغرى . أما من حيث الكبرى ، فبأن التسبيب وضمان السبب مع كون الفعل صادرا من المباشر بالاختيار أمر على خلاف القاعدة ، لا يمكن قبوله إلا في الموارد الخاصّة التي قام فيها الدليل عليه . وأما من حيث الصغرى ، فلأن كبرى التسبيب لو سلَّمت فهي انما تنفع في موارد إتلاف المال ، أو فساد الشيء الموجب لنقصه حيث يقال إن كان المباشر له انما أفسده بسبب الغير ، وكان السبب أقوى كان عليه الضمان لأن استناد التلف إليه أقوى من استناده إلى المباشر ، ومن الواضح أن هذا فرع صدق الإتلاف أو الإنقاص ، وهو لا يصدق في المقام إذ لا يكون صرف المال للعلاج إتلافا له لينفعه التسبيب . وإن شئت قلت : إن قاعدة التسبيب ، توسّع من موضوع قاعدة : « من أتلف » ، وتعيّنه في السبب الأقوى دون المباشر ، وليست قاعدة بحيالها ، فلا بدّ وان يصدق إتلاف المال أو العضو أو النفس لكي يثبت الضمان بالتسبيب ، وهذا لا يصدق في المقام . وكلتا المناقشتين يمكن الإجابة عنهما . أما الأولى ، فبأن كبرى التسبيب بالإمكان إثباتها ، تارة بسيرة العقلاء الممضاة شرعا ، وأخرى باستفادتها من مجموعة الموارد الكثيرة التي ثبت فيها