بيان الحكم فلا يناسب مع ذكرها في الابتداء ، وفي موقع الموضوع ، وقبل بيان الحكم ، بل عطفه على جملة * ( يُحارِبُونَ الله ورَسُولَه ) * ظاهر في انه لبيان ان المراد بالمحاربة للَّه والرسول معناها العنائي وهي شهر السلاح بوجه الناس واخافتهم لسلب أموالهم أو قتلهم ، بل تعليل محاربة اللَّه ورسوله بالإفساد في الأرض مستهجن عرفا جدا لأن شناعة وفداحة الأول أظهر وأشدّ وأولى بالقتل من الثاني . وثانيا - إذا كان الحكم هو العقوبة على قدر الجناية فلا بدّ وأن تكون الجناية فيها قتل ، أو سلب ، وإلا لم يكن تناسب بين العقوبة والجريمة ، فلا يمكن أن يكون المراد بالفساد في الأرض إلا ما يشتمل على ذلك لا مطلق الفساد . وثالثا - قد أشرنا فيما سبق أنه أساسا عنوان أفسد في الأرض ليس بمعنى روّج الفساد أو جعل الآخرين يفسدون ، بل بمعنى إتيان الفساد وإيجاده خارجا وذلك بالاعتداء على الناس ، فالمحارب القاطع للطريق أو السالب لأموال الناس أو نفوسهم ليس مروّجا للفساد في المجتمع وبين الناس ، بل عمله فساد وعدوان على الناس ، ولهذا لا يطلق عنوان المفسد في الأرض على الذي يدعو الناس إلى الأفكار الفاسدة أو الأخلاق الفاسدة ، فالافساد في الأرض بمعنى الاعتداء على حياة الآخرين في الأرض بسلب مال أو عرض أو نفي أو نحو ذلك لا جعل الآخرين يرتكبون الفساد باختيارهم ، فلا عموم في هذه الجملة حتّى لو حملت على التعليل . الأمر الرابع - بالإمكان استفادة اختصاص الحدّ المذكور بالمحارب المفسد بالمعنى الذي ذكرناه ، من تتبع الأدلة والروايات الواردة في سائر الجرائم والعقوبات الواردة فيها فإن جملة منها يصدق عليها الإفساد في الأرض بذلك المعنى العام ، ومع ذلك لم تحكم الروايات ولا الفقهاء فيها بهذا الحد ، بل