والذي يمكن أن يرجح به الاحتمال الثاني الذي أبديناه المنتج لحرمة الإبداء ، هو أن المفتي به لدى كثير من علماء العامّة هو الجواز بالنسبة إلى الوجه والكفين من حيث النظر المستلزم لجواز الإبداء . قال ابن رشد : والسبب في اختلافهم أنه ورد الأمر بالنظر إليهن مطلقا ، وورد المنع مطلقا ، وورد مقيّدا أعني بالوجه والكفين ، على ما قاله كثير من العلماء في قوله تعالى * ( « وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها » ) * انه الوجه والكفان ، وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر ، ومن منع تمسك بالأصل وهو تحريم النظر إلى النساء ، انتهى . فيمكن أن يكون ذهن السائل قد استقر على جواز كشفهما تبعا لما هو الدارج بين هؤلاء وكونه مفروغا عنه ، فلذا اقتصر في السؤال على الذراعين وانه هل الذراع زينة يحرم إبدائها أو لا ؟ كالكف الجائز ابدائه ، فأجاب عليه السّلام بان الذراع زينة ، وتطفل ثانيا بكون الوجه والكف أيضا من الزينة ردعا لما ارتكز في ذهنه وردّا لما استقر في رأيه ، فعليه يكون المراد من لفظة « دون » هو السافل في كلا الموضعين . والغرض انه مع التنبّه لمثل هذه النكتة يذعن بعدم الظهور فيما ادّعاه ( ره ) . ومما ورد أيضا تفسيرا للكريمة هو ما رواه عن القاسم بن عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السّلام في قول الله عزّ وجل * ( « إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها » ) * قال : الزينة الظاهرة الكحل والخاتم [1] . ولا إشكال في السند إلا بوقوع القاسم بن عروة ، حيث إنه لم يوثّق إلا على الطريقة الدارجة بين المتأخرين ، الذين يتطرقون بها إلى التوثيق ، وهو نقل الرواة الأجلَّاء عنه ، إذ به يحصل الوثوق ، لأنه لو لم يكن المروي عنه موثّقا
[1] الوسائل باب 109 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح 3 .