أفاده « الماتن » من الصحة في صورة والبطلان في صورتين ، مقدمة وجيزة شارحة لتلك العناوين وما لها من الآثار المختصة والمشتركة . فمن تلك العناوين : إتلاف مال الغير ، ومنها : غصبه ، ومنها : التصرف فيه ، ومنها : الانتفاع به . ولا ريب في تمايزها المفهومي مع اشتراكها واجتماعها أحيانا على مصداق فأرد . ولا إشكال في أنّ إتلاف مال الغير أينما تحقق بعنوانه فهو موجب للضمان ، للقاعدة المحكَّمة الناصة : بأنّ « من أتلف مال الغير فهو له ضامن » بلا ميز بين النائم واليقظان وغيرهما من آحاد المتلفين . ولا يثبت بهذه القاعدة المنع التكليفي - أي الحرمة - لقصور نطاقها عن الدلالة عليها ، ولعدم التلازم الخارجي بينها وبين الضمان - كما هو واضح - فلا بد في إثبات حرمته من التماس دليل آخر . وأمّا الغصب : فلا إشكال في استتباعه الضمان ، للقاعدة الناطقة : بأن « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » كما أنه لا ارتياب في حرمته نصا وفتوى ، ولا خفاء في ميز ، عن الإتلاف . وأمّا التصرف فيه : فقد يكون ممتازا عن الغصب ، بأن يكون المستولي القاهر غيره ، وليس له عدا التصرف الخارجي في المال من دون الاستيلاء ، فلا يشمله دليل الغصب . نعم : لا إشكال في حرمته ل ( التوقيع ) الدالّ على أنه « لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفسه » . وحيث إنه مشمول لقاعدة ( على اليد ) يحكم باستتباعه للضمان أيضا . وأمّا الانتفاع به : فما يكون من قبيل الاستظلال بحائط الغير أو الاستضاءة من نوره أو الاستشمام من رائحة الطيبة وما إلى ذلك من النظائر - التي ليس فيها التصرف في مال الغير بوجه أصلا لدى العقلاء - فلا بأس بها ، لاستقرار السيرة على الانتفاع الكذائي ، وقصور القواعد والنصوص الشرعية عن الشمول لذلك .