الجاري في الجملة ، فلو استصحب عدم فاسقية زيد المكرم ترتب عليه عدم الحرمة ، ولا حاجة إلى استصحاب عدم تحقق الجملة . ولا يمكن أن يقال : إن إكرام الفاسق العالم لم يعلم صدوره منه والأصل عدمه ، وكذلك لو استصحب فاسقية زيد ترتب عليه أثر الحرمة ولا أن يعارضه بأصالة عدم صدور إكرام الفاسق العالم منه ، لما عرفت من أن الأصل المسببي لا يكون معاضدا ولا معارضا للأصل السببي . نعم لو لم يكن الجزء مجرى للأصل ، كما إذا لم يعلم حالته السابقة من الفسق وعدمه ، كان الأصل المسببي حينئذ جاريا ، وصح أن يقال : الأصل عدم صدور إكرام الفاسق العالم منه ، لأن هذه الجملة مسبوقة بالعدم ، ويترتب عليه حينئذ أثر عدم الحرمة ، وأنه لم يفعل حراما ، ولكن لا يترتب على هذا الأصل إكرام العالم الغير الفاسق الذي دل على وجوبه قوله أكرم العالم بعد تخصيصه بقوله لا تكرم الفاسق العالم ، فإن مجرد عدم صدور إكرام الفاسق العالم منه لا يثبت أنه أكرم العالم الغير الفاسق ، كما لا يخفى . فليس له الاكتفاء بإكرام مشكوك الفسق تعويلا على هذا الأصل ، ولا يسقط به الوجوب الذي تكفله العام بعد التخصيص وإن ترتب على هذا الأصل عدم الحرمة ، وذلك واضح في الغاية . هذا كله إذا كان دليل المخصص مثبت لحكم من الحرمة على ما تقدم في القسم الثاني من المخصص . وأما إذا كان دليل المخصص من القسم الأول ، وهو ما إذا كان مفاده مجرد المانعية من دون أن يتكفل لثبوت حكم على المخصص ، فلا يجري الأصل المسببي ، وإن لم يكن الأصل السببي جاريا من حيث انتفاء الحالة السابقة للجزء ، وذلك لأنه لا يترتب على الأصل المسببي وانتفاء الجملة أثر أصلا ، لأن الفاسق لم يكن محرم الاكرام حتى يراد من أصالة انتفاء الجملة ترتب أثر الحرمة .