ولا يكون الأصل الجاري في الجملة محرزا لاكرام العالم الغير الفاسق الذي تكفله العام بعد التخصيص حذو ما سمعته في القسم الأول ، فلا أثر لجريان الأصل في الجملة . فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن دليل المخصص إن كان واردا لمحض إفادة المانعية فلا فائدة في جريان الأصل في الجملة مع عدم جريانه في الأجزاء ، وإن كان واردا لإفادة حكم على العنون الذي أخذ في دليل المخصص موضوعا للحكم ، فالأصل في الجملة عند عدم جريان الأصل في الأجزاء وإن كان جاريا ، إلا أنه لا يترتب عليه إلا انتفاء حكم المخصص الذي سيق دليل المخصص لإفادته . وبذلك يظهر فساد ما قيل في المقام من أنه عند الصلاة في المشكوك يجري الأصل بالنسبة إلى الجملة ، ويقال الأصل عدم صدور الصلاة في غير المأكول ، لأن الشك في صدور الصلاة في غير المأكول وإن كان مسببا عن الشك في الجزء ، وهو الشك في كون اللباس من المأكول أو غيره ، إلا أنه لما لم يكن الشك في الجزء مجرى للأصل من حيث عدم الحالة السابقة للباس كان الأصل في الجملة المركب جاريا ، وصح أن يقال : الأصل عدم صدور الصلاة في غير المأكول ، لأن صدور الصلاة فيه أمر حادث مسبوق بالعدم ، ويترتب عليه وقوع الصلاة في غير غير المأكول . وجه الفساد هو أن الأصل الجاري في الجملة مما لا أثر له أصلا ، بعد ما كان الدليل الدال على النهي عن الصلاة في غير المأكول مسوقا لمحض إفادة المانعية ، من دون أن يتكفل النهي لحكم تحريمي ، بأن تكون الصلاة في غير المأكول محرمة ، فيكون أصالة عدم صدور الصلاة في غير المأكول ، كأصالة عدم صدور إكرام الفاسق العالم فيما إذا كان قوله لا تكرم العالم الفاسق ، مسوقا لمحض إفادة المانعية مما لا أثر لها أصلا .