مع أنه لو كان الحل والحرمة بمعنى الصحة والفساد لكان اللازم اطراد أصالة الحل عند الشك في باب القيود لوجودية من الأجزاء والشرائط ، لأنه عند الشك في تحقق الشرط يشك في الصحة والفساد أيضا ، فهل يمكن أن يقال : إنا بأصالة الحل نثبت الصحة ؟ وبالجملة : ليس مبنى الاستدلال على أخذ الحل والحرمة بمعنى الصحة والفساد ، بل مبنى الاستدلال أن الممنوع عنه في باب الموانع حقيقة داخل في حاق مدلول لفظ الحرام ، فالمراد من الحل والحرمة في موضوع أصالة الحل هو الحرمة التكليفية ، غايته أنه ليست الحرمة في باب الموانع ناشئة عن المبغوضية الذاتية ، وقد عرفت أن المبغوضية الذاتية خارجة عن مدلول لفظ الحرام لغة وعرفا وشرعا ، إذ ليس الحرام في اللغة إلا بمعنى الحرمان المطرد في باب الموانع أيضا ، وعند العرف عبارة عن المنع الشرعي . المقدمة الثالثة : بعد ما عرفت من أن الترخيص والحلية الظاهرية المستفادة من أصالة الحل ، كما تقابل الحرمة الذاتية كذلك تقابل الحرمة في باب الموانع ، فلا محالة يترتب على الترخيص الظاهري في باب الشبهات الاستقلالية الترخيص والحلية الذاتية ، بمعنى جواز الشرب واللبس وغير ذلك مما كان موردا للشبهة ، وفي باب الموانع يترتب على الترخيص الظاهري الاجزاء والصحة الظاهرية المحفوظة عند عدم انكشاف الخلاف ، وذلك لأن الترخيص في كل مقام لا محالة وإن يرجع إلى الجهة المشكوك فيها ، إذ لا معنى لورود الترخيص على غير تلك الجهة . ففي باب التكاليف الاستقلالية يلاحظ الجهة المشكوك فيها فيرد الترخيص عليها ، فإن كان الجهة المشكوك فيها هي الأكل مثلا ، بأن كان شاكا في حلية الأكل ، فالترخيص الظاهري المستفاد من أصالة الحل يرجع إلى حلية الأكل ، وإن كان الجهة المشكوك فيها هو الشرب فالترخيص يرجع إليه ، وهكذا سائر