الالتفات إلى الخلف الخالي عن الصلاة واضح لا شبهة فيه ، فإذا خرجت صورة الاستدبار عن عموم قوله " من صلى على غير القبلة ، وخرجت صورة الصلاة إلى ما بين المغرب والمشرق عن عمومه أيضا بما تقدم من الأخبار [1] الدالة على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة ، فلا يبقى حينئذ تحت قوله عليه السلام " من صلى إلى غير القبلة " إلا صورة واحدة وهي الصلاة إلى نفس النقطتين وما يلحق بذلك على ما يأتي بيانه . وتكون النسبة حينئذ بين أخبار الباب مع مطلقات باب الالتفات بالأعم المطلق ، لأن قوله عليه السلام في الخبر المتقدم " إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد " [2] يعم صورة الاستدبار وغيره ، وهذا بخلاف أخبار الباب فإنها بعد التخصيص بما عرفت تكون مختصة بصورة الصلاة إلى نفس النقطتين وما يلحق بذلك ، فتكون النسبة بينهما بالأعم المطلق ، وإن كان قبل تخصيص أخبار الباب بما عرفت تكون النسبة بالعموم من وجه ، ولكن بالتخصيص تنقلب النسبة ، فلا بد من حمل مطلقات باب الالتفات الدالة في فساد الصلاة عند الالتفات بغير صورة الالتفات إلى النقطتين ، لما تقدم أيضا من أن الصلاة إلى ذلك لو كان غير موجب للقضاء ، فالالتفات لا يكون موجبا له بالأولوية القطعية . وعلى كل حال لا بد في الاستدلال بأخبار الالتفات لما نحن فيه من شمول قوله عليه السلام " من صلى إلى غير القبلة " لصورة النسيان وعدم اختصاصه بالمتحري ، فإنه لولا ذلك لكان باب الالتفات أجنبيا عن المقام كما تقدم في شمول قوله عليه السلام : " من صلى إلى غير القبلة " لصورة النسيان نوع خفاء ،
[1] الوسائل : ج 3 ص 228 باب 10 من أبواب القبلة ، ح 1 و 2 . [2] الوسائل : ج 3 ص 227 باب 9 من أبواب القبلة ، ح 4 .