هذا تمام الكلام في أحكام الجاهل بالقبلة والمتحير بها . المبحث الثالث لا يجوز صلاة الفريضة على الراحلة اختيارا إلا مع الضرورة ، إعلم أن هنا مسائل ينبغي التعرض لها . الأولى : الصلاة على الراحلة وما يجري مجراها من الحمل والأرجوحة والقجاوة وما شابهها . والاشكال فيها من جهتين ، من جهة الاستقبال ومن جهة الاستقرار . والمعروف الذي عليه المعظم أنه لا يجوز أن يصلي الفريضة على الراحلة إلا لضرورة ، وأما النافلة فيجوز مطلقا ولو اختيارا . وهذا لا إشكال فيه في الجملة ، لدلالته جملة من الأخبار عليه كما سيمر عليك بعضها . إنما الاشكال فيما إذا طرأ على الفرض النفل كالصلاة المعادة ، أو طرأ على النفل الفرض كما لو نذر النافلة ، فهل العبرة على الأصل في كل من الطرفين بأن يلاحظ في المعادة وما شابهها حكم الفريضة ويلاحظ في المنذورة حكم النافلة ، أو أن العبرة على الوصف الطارئ أيضا في كل من الطرفين ، أو يفصل بين نقل عرض له الفرض فيلحقه أحكام الفرض وبين فرض عرض له النفل كالمعادة فيلحقه حكم النفل ؟ ثم إن هذه الوجوه ليست في خصوص مسألة القبلة والاستقرار ، بل هي جارية في جميع ما يختص به النافلة من الأحكام ، كعدم بطلان الشك في الثنائية منها ، وجواز البناء على الأكثر والأقل ، وغير ذلك من الأحكام المختصة بالنافلة . وعلى أي حال قيل : إن العبرة إنما هي حكم الأصل ولا يلتفت إلى العارض ، سواء كان الأصل نفلا طرأ عليه الفرض كالمنذورة أو فرضا طرأ عليه النفل