ففي الأول يلزم ثلث دية الأذن وفي الثاني ثلث دية الشحمة ، وهي معتبرة ، إلَّا أنّ ابن الغضائري قال : إنّه كذاب غال . وأنت خبير إذا اطَّلعت على كتب الرجال أنّه لاعتداد بتضعيفه لأنّه من عادته رمي الرجال بالكذب والغلو أمّا إسناد الكذب فهو بعيد جدا إذا كان الرواة عنه جماعة من الأعاظم - عليهم الرحمة - وأمّا إسناد الغلو فربّما يأتي من جهة ذكر الراوي أخبار دالَّة على جلالة قدرهم بما كان غلوا في نظره ، مضافا إلى أن الغلوّ لا ينافي الوثاقة وكونه مأمونا من الكذب .
المسألة « 118 » لا إشكال في ثبوت الدية الكاملة في الشفتين إذا قطعتا معا نصّا وفتوى بل إجماع الفقهاء الإمامية بل وغيرهم ، مضافا إلى الضابط المسلَّم من أنّ كلّ ما في الجسد من الأعضاء واحدا ففيه الدية وما كان منها اثنتين ففي كلّ واحد نصف الدية .
وأمّا إذا قطع أحدهما فقط ففيه أقوال أربعة ( الأول ) أنّ في قطع الشفة العليا ثلث الدية ، وفي السفلى ثلثاها لأنّ فيها مع الجمال زيادة المنفعة بإمساك الطعام والشراب وشينها أقبح من شين العليا ، وبهذا ثبتت الآثار عن أئمّة الهدى عليهم السّلام كما أفاده في المقنعة ، وقال بهذا القول جماعة كثيرة من الأعاظم كما حكاها في الجواهر ومفتاح الكرامة وغيرهما ، ولكنّك خبير بأنّ إثبات الأحكام الشرعية بهذا النحو من المتمسّكات مشكل بل ممنوع جدا .
( الثاني ) أنّ في العليا خمس الدية وفي السفلى ثلاثة أخماسها ، واختاره أيضا جماعة كثيرة منهم الشيخ في الخلاف واستدلّ بإجماع الفرقة وأخبارهم وخصوص رواية أبي جميلة عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : في الشفة السفلى ستّة آلاف درهم وفي العليا أربعة آلاف ، لأنّ السفلى تمسك الماء [1] وفيه أنّ الإجماع المدعى في الخلاف ممنوع وكذا الأخبار غير معلومة ، إلَّا ما رواه أبو جميلة وهو ضعيف جدا لأنّ القادح فيه ليس منحصرا بابن الغضائري بل ضعّفه النجاشي وجماعة

[1] الوسائل الباب 5 من أبواب ديات الأعضاء ح 2 .

190