القول في تزاحم الموجبات المسألة « 79 » إذا كان القتل بإقدام شخصين أحدهما كان مباشرا والآخر سببا مثل أن يكون أحدهما حافرا للبئر في غير ملكه والآخر دافعا لشخص آخر فيها ، فإن كان الدافع عالما فلا إشكال في ضمان الدافع للقصاص أو الدية للإجماع ، ولأنّ القتل مستند إليه لا غير ، وأمّا إذا كان الدافع جاهلا كما إذا كان غطَّى رأسها فالضمان على الحافر على المشهور وهو المؤيّد والمنصور ، وترديد المحقّق في النافع لا بأس به مع فتواه في الشرائع مثل المشهور ، ويدلّ عليه إطلاق الأخبار الواردة في حفر البئر في غير ملكه وإثبات الضمان فيه كما مرّ في المسألة « 52 » مضافا إلى إمكان استناد القتل إليه دون الدافع حينئذ لجملة بالحال .
لا يقال أنّ الدافع وإن كان جاهلا بالحال فلا ينافي ضمانه كما يضمن المرأة إذا انقلبت إلى الطفل وقتلته فإنّ المرأة ضامنة للدية كما مرّ في المسألة « 23 » لأنّه يقال فرق بينهما ، فإنّ موت الطفل مستند إلى انقلابها وحركتها إليه ولكن هاهنا ليس الموت مستندا إلى الدافع بل مستند إلى وقوعه إلى قعر البئر ووقوع الصدمة عليه سبب طول المسافة في السقوط وهو مستند إلى الحافر دون الدافع كما مرّ نظيره في آخر المسألة « 23 » .
والحاصل : أنّ للمدفوع سقوط إلى محاذي سطح الأرض وسقوط إلى قعر البئر ، فما كان مستندا إلى الدافع فهو الأول دون الثاني لأنّه مستند إلى الحافر الذي حفرها .
وممّا بيّناه ظهر لك بطلان ما زعمه بعض من عاصرناه من إثبات الضمان عليهما معا مستدلَّا بقوله « أمّا الحافر فلا طلاق ما دلّ على ضمانه ، وأمّا الدافع فلاستناد القتل إليه ، ومن هنا لو دفع شخصا إلى حفيرة طبيعية لا يعلمها الدافع فسقط

136