ثمّ إنّ رواية معاوية بن وهب وإن كانت معتبرة سندا ، إلَّا أنّ في دلالتها على المقصود خفاء ، من حيث إنّ ظاهر السؤال كون السائل زاعما بأن الغنائم التي يغنمها السرّيّة التي بعثها الإمام لا بدّ أن تقسّم لعدم كونها من الأنفال مثلا ، إلَّا أنّ المجهول لديه كيفيّة التقسيم ، فأصل التقسيم عنده محرز ، وظاهر الجواب أي صدره وهو قوله ( عليه السلام ) « إن قاتلوا عليها » أنّه تكرار لمفروض السائل ، كما يكرّر كثيرا مضمون السؤال في الجواب ، وظاهر قيده وهو قوله ( عليه السلام ) « مع أمير أمّره الإمام » ، إشارة إلى التفصيل ، ودفع توهّم الإطلاق ، وأنّه فرق بين ما يكون بإذن من جعله الإمام أميرا ، وبين ما لا يكون كذلك ، فلو كان القتال لا بإذن من له الإمارة المجعولة من الإمام يكون ما اغتنمه المقاتلون له أي للإمام ، فعليه لا بدّ من تقييد تلك المرسلة الدالَّة على أنّ الغزاء ، والقتال إذا كان بإذن الإمام كان الخمس له ، بأنّ - مع لزوم كون أصل المقاتلة من إذنه - كون كيفيّته أيضا بإذن الأمير الذي أمّره الإمام ، فيرفع اليد عن ذلك الإطلاق بمفهوم القيد ، وظاهر قوله ذيلا « وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين » ، أنّه تصريح لمفهوم قوله صدرا « إن قاتلوا عليها » فقد ذكر في الرواية حكم ما إذا كان القتال مع إذن الأمير ، وحكم ما لم يقع القتال أصلا ، وأمّا حكم ما إذا كان القتال لا بإذن الأمير فلم يذكر فيها إلَّا اعتمادا على مفهوم القيد . والذي يحتمل قويا أن يكون المراد من الإمام الباعث للسريّة - كما في قول السائل - هو الإمام الصوري الغاصب لمنصب الإمامة الحقّة ، إذ هو الذي يبعث السّرية ويأمرها بالتجهيز ، ويؤمّر أحدا لها ، لا الإمام الواقعي ( عليه السلام ) المقهور للأعداء لعنهم اللَّه ، وإلَّا يلزم أن يكون السؤال لأجل استعلام حكم شرعيّ لا ينتهي إلى العمل أصلا ، فيكون له ثمرة علميّة فقط ، وبهذه القرينة يحدس بأن المراد من الإمام هو من يسمّى عند الناس إماما ، فحينئذ لا بدّ أن يكون أصل تأسيس الجيش والقوى بإذنه ( عليه السلام ) فيما يرجع إلى الجهاد ودعوة الإسلام ،