« ائتني بخمسه » ، إلَّا أن يقال : بأنّ ذلك الطلب لاستعلام حاله من أنّه هل تاب حقيقة أم لا ، مع أنّه بعيد غايته ، إذ لا دخل له في التوبة أصلا ، إذ هي أمر قلبي لا يطَّلع عليه بظاهر الأفعال أو الأقوال [1] ، فالمطهّر لذلك المال المختلط هو التخميس . ولا يصحّ احتمال ورود الرواية فيمن لم يكن محترزا في معاملاته عن مثل الربا ، لإطلاق المال الشامل له ولغيره أوّلا ، وللزوم الحمل على ما لا يلتزم به ثانيا ، إذ لو كان الخمس من حيث ربح الكسب لا الاختلاط وحكم عليه من حيث الاختلاط بالربا بالعفو كان ذلك مخالفا لمذهب المحقّقين ، بل ولعلّ غيرهم أيضا ، إذ الحكم بالعفو عنه إن قيل به فإنّما هو في صورة الجهل ، بل قد احتمل كون مفاد روايات العفو بالنسبة إلى ما أخذ قبل تشريع الحرمة في صدر الإسلام . فتلخّص : أنّ المستفاد من هذه الرواية هو وجوب الخمس فيه من حيث الاختلاط ، لأنّ الظاهر من قوله ( عليه السلام ) « ائتني بخمسه » طلب خمس ذلك المال المصاب الذي أغمض فيه ، لإشعار التعليق على الوصف بالموضوعيّة . الرواية الرابعة : ما في الوسائل عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللَّه ( عليه السلام ) قال : أتى رجل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : إنّي كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما ، وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه والحرام وقد اختلط عليّ ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « تصدّق بخمس مالك فإنّ اللَّه قد رضي من الأشياء بالخمس وسائر المال لك حلال » . ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب .
[1] بحيث لو لم يتب واقعا لا يؤثّر ذلك الفعل أصلا في فكاك رقبته من النّار . ( المقرّر دام ظلَّه ) .