بسوء اختياره رفع ذلك العجز بتمليكهم ما لم يكن لهم ، نظير ما لو لم يقدر الدائن على الأخذ لعجزه - لكونه مقطوع اليد أو مقيّدا أو نحو ذلك من الأعذار العقليّة - فليس على المديون رفع ذلك العذر وإن كان الدّين غصبا بأن أتلف ماله مثلا ، فكما أنّ هناك لا يلزم رفع العذر العقليّ كذلك هنا لا يلزم رفع العذر الشرعي ، وهو الجهل ، إذ ليس العذر الشرعي أقوى من العذر العقلي ، فلا يدلّ دليل على وجوب طيب النفس والرضا حين الدفع ، فعلى المالك تسليم المال إليهم ولكن ليس لمن لم يحرز أن ذلك المال له أخذه لعدم إحراز طيب نفس الدافع به . ثمّ إنّه لم يؤت بشيء مقنع في عدم العمل بالقرعة الَّتي لكلّ أمر مشكل ، أو مجهول - لو لم نقل بالتوزيع ، كما في مورد لا يقبل ذلك ، نحو المرأة المردّدة بين زيد وعمرو مثلا فإنّها لا تقبل التوزيع ، فلا بدّ أن يقرع أنّها لأيّ منهما - فيمكن التمسّك بدليل القرعة ، سيّما ما أخذ فيه عنوان الجهل - لا عنوان الإشكال - فإنّه أسلم من المناقشة الَّتي مرّت الإشارة إليها من أنّها إذا كانت للمشكل فحيث إنّه يرتفع الإشكال والإعضال بالصلح مثلا فلا مجال لها . وأمّا ما قيل بأنّ العمل بها يحتاج إلى جبر وهن دليلها لأنّه لكثرة التخصيص الوارد عليه نحو خروج الشبهات الحكميّة طرّا وكثير من الموضوعيّة أيضا يحتاج إلى ذلك [1] ، فقد يقال بأنّ ما هذا شأنه لا يحتاج العمل بها إلى الجبر والتدارك ، بل ما لم يعمل الأصحاب ولم يفت الفقهاء على خلافه يجوز العمل به لكفاية عدم الإعراض عن حديث في جواز العمل به ، هذا . ويمكن أن يستدلّ لما نحن فيه - من أنّ الحكم فيه هو التوزيع - بما ورد في الدرهم الودعيّ وغيره من المتفرّقات بعد إلغاء الخصوصيّة القابلة لذلك .
[1] قاله الشيخ الأعظم الأنصاري ( قدّس سرّه ) في آخر الاستصحاب من فرائد الأصول عند بيان وجه تقديم الاستصحاب على القرعة ص 423 ، واشتهر أيضا في ألسنة المتأخرين ( قدّست أسرارهم ) .