الأمر الثاني : فلعلَّك تفطَّنت ممّا حرّرناه في بيان ما يصلح للاستناد إليه في الاحتمالات الأربع أنّ الحقّ هو الاحتمال الثالث كما عبّر به في الشرائع [1] من دخالة ذينك القيدين معا ، لعدم مساعدة العرف والانصراف وغيرهما من المبادي الَّتي عليها مدار الاستظهار من الأدلَّة اللفظيّة على غيره ، مضافا إلى ما يرد على بعضها كما تقدّم ، فلا يصحّ الاستناد إلى ما عليه الاحتمال الأوّل من إرجاع أحدهما إلى الآخر كما قيل ، فلا يحتاج إلى الاطناب المملّ الخالي عن الوجه في إرجاع ما يخرج بالغوص إلى ما يخرج من البحر بكونه في مورد الاجتماع وفي مورد الافتراق أظهر من الغوص ، إذ قلَّة تحقّق ما يخرج بالغوص من الشطوط الذي هو مورد افتراقه تضعف ظهوره فيه ، بخلاف مورد افتراق ما يخرج من البحر وهو ما يخرج منه لا بالغوص بل بالآلة مثلا كما هو الشائع ، فيقوى به ظهور عنوان ما يخرج على عنوان الغوص فيقدم عليه لأنّه يمكن ادّعاء تمكَّن ذلك أو لا أقلّ من ادّعاء المساواة لشيوع مثل ذلك في الشطوط الوافرة المياه . وبالجملة : لا ترضى النفس بهذا وأشباهه ممّا يبنى على أساس الوهم الموهون ، كما يشكل الاتكال على ما جعل وجها للاحتمال الرابع من أنّ العنوان أمر بسيط جامع ، إذ إحراز ذلك وانّ المقصود هو إشارة كلّ واحد من ذينك العنوانين إلى ذلك الجامع يحتاج إلى شاهد قوي بعد أن كان الظاهر من أخذ كلّ عنوان هو نفسيّته لا مرآتيّته لغيره كما هو واضح ، فالحقّ هو وجوب الخمس فيما يخرج من البحر بالغوص فلا يجب ما لم يتحقّق ذلك نحو ما يؤخذ منه بعد جفاف مائه أو تنحّيه عن المكان الأصلي لعلل طبيعيّة وقد يساعده الجزر والمدّ .
وقد يتعرّض هنا لبيان ما تقدّم منّا مستوفا في المعدن والكنز من الضمّ وعدمه ومن اعتبار الدفعة وعدم الإعراض وغيره من المباحث السالفة ، ولكن

[1] شرائع الإسلام ، كتاب الخمس ، الفصل الأوّل ، الرابع ممّا يجب فيه الخمس ، ص 52 .

154