قال - بعد أن نقل رواية الحلبي المتقدّمة اقتصارا عليها مشيا على مسلكه من عدم العمل بغير الصحيح عنده - : « وهي قاصرة عن إفادة التعميم لاختصاصها بغوص اللؤلؤ ، إلَّا أن يقال إنّه لا قائل بالفرق » ، انتهى [1] ، إذ لا يحتاج في ذلك إلى الاستمداد بما أشار إليه بعد دلالة الروايات المعتبرة الخاصّة عليه ، فالقول الجزل هو المتوسط بين ذلك الإفراط لعدم مساعدة الانصراف إيّاه ، وبين هذا التفريط لعدم إمكان رفع اليد عمّا عمل به الأصحاب ، فلا يجب الخمس في السمكة ونحوها . فلنرجع إلى ما لا بدّ من إيفاء الكلام حقّه فيه وهو أنّه هل المدار في الباب عنوان الغوص ، أو عنوان ما يخرج من البحر بإرجاع أحدهما إلى الآخر كما هو الاحتمال الأوّل ؟ أو كلّ واحد منهما مستقلا بحياله بحيث يكون كلّ واحد منهما في قبال الأربعة الباقية حتّى يصير مفهوم الحصر مقيّدا كما هو الاحتمال الثاني ؟ أو كلّ واحد منهما جزء للموضوع ومأخوذا في المتعلَّق بحيث يصير الموضوع ذا جزئين كما هو الاحتمال الثالث ؟ أو عنوان بسيط جامع بينهما وهو ما يخرج من الماء مطلقا بالغوص وغيره ، من البحر وغيره كما هو الاحتمال الرابع ؟ والتحقيق يقتضي بيان ما يصلح أن يكون مستندا لأيّ من تلك الاحتمالات أوّلا ، ثمّ اختيار ما هو الحقّ ثانيا . أمّا الأوّل : فيمكن إرجاع الغوص إلى عنوان ما يخرج من البحر والحكم في مورد افتراقه وهو ما يخرج بالغوص من الشطوط بعدم الوجوب لجريه مجرى الغالب ، فلا خصوصيّة له ، بل المقصود هو ما يخرج من البحر مطلقا ، بالغوص كان ذلك الإخراج كما هو الغالب ، أو بالآلة ، كما يمكن العكس وهو إرجاع
[1] مدارك الأحكام ، كتاب الخمس ، ( عند قول المحقّق ( قدّس سرّه ) في الفصل الأوّل : « الرابع : كلّ ما يخرج من البحر بالغوص » ) ، ج 5 ، ص 375 .