لا بد من أدائه بقصد القربة فلو لم يؤده الكافر عصى وبموته ينتقل الى العين وهو أصل التركة فيخرج منه بقصد القربة ، فتبرء ذمته من هذا الحيث . واما عذابه من حيث تحاشيه عن الامتثال بالمباشرة فلا يعقل سقوطه أو تخفيفه . بل الأمر كذلك أيضا في المؤمن العاصي للتكليف كالحج بان سوفه عمدا الى ان مات فان عصيانه ذلك باق على حاله ويعاقب عليه البتة سواء حج عنه من ماله أم لا . إذ الأثر المترتب على وقوع الحج عنه انما هو سقوط عذابه الناشي من ترك أصل الحج بقاء واما ما هو الراجع الى ترك المباشرة مع قدرته عليها ووجوبها عليه فباق على حاله والحاصل انه يخرج مثل الخمس والزكاة وغير ذلك من الديون المالية المحضة من صلب ماله وان لم ينتفع هو بشيء أصلا لكونه واجبا ماليا محضا فيحكم بحكم الدين المقدم على الإرث . ولا يقاس الحج بذلك بان يقال انه دين ايضا يخرج من صلب المال كسائر الديون فلا بد من الاستنابة وذلك لا يعقل إلا بصحة النيابة عن الكافر ، لان الحج يتصور بلحاظ عالم الثبوت على وجهين : الأول ان يكون بينه وبين عود نفع الى المنوب عنه تلازم بحيث إذا حج عنه يخفف العذاب عن المنوب عنه أو يحصل الثواب له . والثاني ان يكون التلازم بينه وبين مجرد براءة ذمته عن التكليف بان يكون المهم هو تحصيل غرض الشارع ومطلوبه لا انتفاع المنوب عنه به نظير دين الناس كما مر . فعلى الأول لا وجه للنيابة حيث انها إحسان إليه يبغضه اللَّه تعالى وعلى الثاني لا مانع منها ثبوتا ولو كان هناك إطلاق يشمله لحكم به بعد إمكانه وصلوحه في الجملة . ولكن الحق انصراف أدلة النيابة عن مثله حيث ان المتبادر منها هو ما يكون المورد من قبيل ما كان الميت المنوب عنه ممن يترقب منه نفس التكليف والعمل الواجب ولا شك في عدم كون الكافر كذلك والا لحكم بالاستنابة من أصل المال بلا ريب نحو سائر الديون . فتحصل من الجميع اعتبار الايمان في النائب والمنوب عنه جميعا . هذا تمام الكلام في نيابة الكافر وعن الكافر .