واما الثاني فلما تقدم من مبغوضية الإحسان إلى الكافر بتفريغ ذمته مع ان المعتبر هنا هو قصد النائب التقرب بفعله أي النيابة وهو افراغها عن التكليف حتى يخفف عنه يوما من العذاب فلا تتحقق النيابة على هذا لما تقدم من عدم إمكان قصد التقرب بعمل مبغوض للَّه تعالى . ومن هنا يتوهم إعضال في المقام وهو انه لو كان إفراغ ذمته مبغوضا للشارع للزوم استمرار عذابه بقاء باشتغال ذمته لزم ما لا يلتزم به وهو انه لو مات الكافر مديونا لمؤمن يتعلق حق الدائن بالتركة بنحو ، فإذا لم يفرغ ذمته فرارا عن المبغوضية لزم تفويت حق المؤمن وماله مع ان ماله كدمه وعرضه محترم فإذا حكم بلزوم الإفراغ والأداء فلا يكون محرما مبغوضا للشارع ، فالاحسان اليه مطلوب له فضلا عن عدم المبغوضية ومعه ينقلب ما تقدم عما بنى عليه من عدم جواز الإحسان إليه . هذا ولكن لا تلازم بين جواز دفع الدين بل لزوم أدائه من أصل التركة بعد ترتب الإرث على الدين والوصية عاما ومطلقا وبين جواز الإحسان إلى الكافر بحصول الثواب له أو خفة العذاب عنه . إذ يمكن ان لا يكون نظر الشارع في ذلك الى حال الكافر الميت من صلوحه وعدمه للثواب أو لخفة العذاب لانه يكون معذبا على ما هو عليه بل يكون نظره الى استيفاء مطلوبه نفسه وهو أداء دين المؤمن وعدم التعدي إلى ماله سواء اثبت ذلك الدائن أم لا ، أو خفف عنه العذاب أم لا . بل قد لا يتصور العذاب من هذا الحيث ايضا حتى يخفف وذلك بان يكون الدين مؤجلا ولم يحل اجله بعد فمات قبل الحلول فحل أجل الدين بمجرد الموت بلا عصيان له أصلا من حيث عدم أداء دين الغير وعدم وفائه وبالجملة يمكن ان يكون وجوب وفاء الدين من أصل التركة لأجل تحصيل مطلوب الشارع لا لانتفاع المديون بشيء من الثواب أو خفة العذاب مثلا ومن هنا لم يلتزم الفقهاء بعدم لزوم الأداء فضلا عن لزوم عدمه . ونظير ذلك وجوب أداء الخمس والزكاة من أصل تركته مع انه لا نظر هنا الى عود نفع اليه . وتوضيحه ان الخمس مثلا ليس امرا توصليا كأداء سائر الديون بل